من أين ألقاها؟ من فؤادٍ أمطرَ الجفونَ دمعًا ورقَّاها؟من لُبٍّ شُجَّ في صميمِهِ وأنبتَ المودةَ وسقاها؟
مَا كنتُ أنا الذي يقعُ في زنزانة الَهوى،فهَويتُ وآتيتُهُ كُلَّ ما تملّكتُهُ من عطى،والقلبُ في الهوى غوى،وحادَ عنِ الحقِّ وبغى ،صراعٌ يَدُجُّ بي عند الكَرَى ،لا أُبصرُ بسببهِ ولا أرى،أنهك فؤادي وذرى ،اغتالني العشقُ النفيسُ وما درَى،إنّي للغرامِ النّزيه أعاركُ البلادَ والقُرى،
اصطادني من بينِ البريةِ الهًُيام،ألقى عليَّ لعنة السنينَ والأيّام ،وانهملَ على قلبي بوابلٍ من الغرام ،كِدتُ من ثِقَل الغرامِ ألجأُ إلى الحِمام،إلا أنَّه هَيكلني بعد الرّكام، و داواني بعد الزّكام،فعليه الطمأنينة والسّلام،
يأتي الغرامُ وينتشلُ قلبَك من مَوضِعهِ،ويؤرقُ حامله في عمله ومضجعه،ويبدّل الطموحات والوجدان ويُزلزل الغايات والأركان ،فالغرام ليس لكل إنسان،الغرام لذي الهمة والإقدام ،للصابر على بَيْن الأيام ،للقادر على صلاة القيام،فلا أدري من أين نلقاها! من الفراق أم من الإشتياق؟من الضيْن أم من البيْن؟
وفي كُلِّ الأحوال عليك أن تُحصنَ نفسك مما قد أُطلِقَ نحوها ،فتُشيّد لنفسك قلعة لتكون بمثابة حصن لك عند وقوع الأزمات ،فلا تسقط في شباك الشهوات،وتتوارى عن قبيح الإنفعالات،وتلافى عن المُثبطات واغتنم المحفزات؛بهذه الخطوات تصل إلى أسمى الرتب والغايات ،فلن تنل ما تمنيته من طموحات إلا بعد عبور المشقات ،
ولأن كل شيء مخلوق بقدر ،وأن الله سيُذيق الخلق كُلًّا من الغبطة والكدر،ثم ما جَنَّ عليك من كمدٍ جراء التقصير فمنك ظهر وبدر،ولا نقول أن الله ابتلى منه إلا فيما ندر ،فالمُقصر يدري أنه بحق سعيه انتهك وغدر ،فلا ترمي الترح على الله والفرح عليك،لأن ذلك الفعل نهى عنه الشارع وزجر ،والمسلم ينتابه شعور الفتور ويظن أنه انفجر ،فصبر إنك على كل نائبة تُنَقَّى و تؤجَر.
