من أين ألقاها؟

وقت القراءة: دقائق
لا توجد تعليقات

قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق

تسجيل الدخول

من أين ألقاها؟ من فؤادٍ أمطرَ الجفونَ دمعًا ورقَّاها؟من لُبٍّ شُجَّ في صميمِهِ وأنبتَ المودةَ وسقاها؟

مَا كنتُ أنا الذي يقعُ في زنزانة الَهوى،فهَويتُ وآتيتُهُ كُلَّ ما تملّكتُهُ من عطى،والقلبُ في الهوى غوى،وحادَ عنِ الحقِّ وبغى ،صراعٌ يَدُجُّ بي عند الكَرَى ،لا أُبصرُ بسببهِ ولا أرى،أنهك فؤادي وذرى ،اغتالني العشقُ النفيسُ وما درَى،إنّي للغرامِ النّزيه أعاركُ البلادَ والقُرى،

اصطادني من بينِ البريةِ الهًُيام،ألقى عليَّ لعنة السنينَ والأيّام ،وانهملَ على قلبي بوابلٍ من الغرام ،كِدتُ من ثِقَل الغرامِ ألجأُ إلى الحِمام،إلا أنَّه هَيكلني بعد الرّكام، و داواني بعد الزّكام،فعليه الطمأنينة والسّلام،

يأتي الغرامُ وينتشلُ قلبَك من مَوضِعهِ،ويؤرقُ حامله في عمله ومضجعه،ويبدّل الطموحات والوجدان ويُزلزل الغايات والأركان ،فالغرام ليس لكل إنسان،الغرام لذي الهمة والإقدام ،للصابر على بَيْن الأيام ،للقادر على صلاة القيام،فلا أدري من أين نلقاها! من الفراق أم من الإشتياق؟من الضيْن أم من البيْن؟

وفي كُلِّ الأحوال عليك أن تُحصنَ نفسك مما قد أُطلِقَ نحوها ،فتُشيّد لنفسك قلعة لتكون بمثابة حصن لك عند وقوع الأزمات ،فلا تسقط في شباك الشهوات،وتتوارى عن قبيح الإنفعالات،وتلافى عن المُثبطات واغتنم المحفزات؛بهذه الخطوات تصل إلى أسمى الرتب والغايات ،فلن تنل ما تمنيته من طموحات إلا بعد عبور المشقات ،

ولأن كل شيء مخلوق بقدر ،وأن الله سيُذيق الخلق كُلًّا من الغبطة والكدر،ثم ما جَنَّ عليك من كمدٍ جراء التقصير فمنك ظهر وبدر،ولا نقول أن الله ابتلى منه إلا فيما ندر ،فالمُقصر يدري أنه بحق سعيه انتهك وغدر ،فلا ترمي الترح على الله والفرح عليك،لأن ذلك الفعل نهى عنه الشارع وزجر ،والمسلم ينتابه شعور الفتور ويظن أنه انفجر ،فصبر إنك على كل نائبة تُنَقَّى و تؤجَر.

من أين ألقاها؟

عبدالله قاسم

أنا الكاتب المُخضرم ،أنا مَن للنار في أعدائي أشعل وأضرم ،أنا مَن كنت درأ للمفاسد وضرغاما لكل من أفسد وأجرم،أنا السيف الصارم في وجه الأعادي ووجه كل مَن على رأسه أحلَّ وحرّم،سجيتي في جوف هذا الظلام الحالك العلم ،قوتي في هذا الوهن المُستبد الحلم ،أعفو في زمنٍ قل مَن فيه عفا ،أرى هدفي وإن غَمَّ علي أو خفا ،أداوم على الهوى لمَن أحبني بصدقٍ وإن جفا ،وأعبدُ ربي في العشي والإبكار وأصلي على المصطفى ،ولست أثني على نفسي ؛لكن مَن دري بي وأحاط بي سيحبني أكثر من الألماسِ،غايتي نهضة هذه الأمة من الحضيض،وجلب الترياق لكل من في قلبه مرض واستحضار العلاج لكل مريض،أروم إلى تشييد قلعة عمادها الفكر ولبنتها الصبر،أنأى عن سفاسف الأمور ،وأشغل وقتي لكي أرفع عن أمتي ذلك الثبور،وأعظم بالجهاد وسيلة لتحقيق أسمى غاية ،ولنا في الصحابة الكرام الجهابذة الأفذاذ في الجهاد عبرة وآية ،قاتلوا الكفرة بإيمانهم أولا ثم لجؤوا إلى السلاح ،فبعدما أتموا الصلاة والفلاح ،انتشلهم إيمانهم نحو النجاح،ذلك النجاح عندما تطأ بقدميك الجنة وتزول بها كل أعباء الدنيا ،عندما تصعد درجة تلو الأخرى حتى تصل إلى الشجرة قطوفها دانية ،الآن قد جزاك الله ما نصبت لأجله الآن قد زال هم وغم الفانية.

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ