معاتبة توبة

نشرت:
وقت القراءة: دقائق

بلغوه أنّني سأظل على عهده و ووفائه حتى بعد بعده و فراقه و لا يروق لي سواه و لا خليفة لفؤادي من بعده و لن أهوى غيره من الرجال مهما تتبدّل أحوالي و لو تنتهي أجالي و إنه يشغل بالي طيلة نهاري و سهري حتى الفجر و الظهر و العصر و في كلِّ عمري .

و إنّٓ شوقي له يشتعل كالجمر إن حدثتموني عن أمره ، و إنّي كاذبة حين أدَّعي كرهه أو نسيانه بل أتذكر جميع تفاصيله من اوقات جوعه و ساعات نومه و روتين يومه و عدد السجائر التي يدخن و لونه و أكله المفضّل و رمشات عينه و طريقة مشيته و تسريحة شعره و عدد شيبه و حتى شخره في نومه و أحفظ ما يحبه و ما يزعجه ،ما يغضبه و ما يعجبه ، ما يُلهمه و كل ما يهمُّه

و يُستخضر صوته في مسامعي حتى في صمته و يتشكَّل خياله أمام أعيني حتى في غيابه و أستشعر هيبته و لو في غيبته ، و يزل لساني باسمه حينما أنادي أي إنسان. ..بلغوه أن تلك العظيمة في حضرته أصبحت كاليتيمة في هجره و المغرورة بغرامه أصبحت مغدورة من عذابه و المسرورة بحنانه أصبحت مكسورة بحرمانه و المتعالية في وجوده هي متعطشة لرجوعه و احترقت روحها حين راح عنها و اختفى و اخترقها الوصب بعدما ذهب و أفل بالحب و حل بها فراقه كالمأزق حتى أشجاها للمأق و أشقاها بالضيق .

و اسألوه لما اعتزلها بعدما كان يعتز بها و نساها بعدما وساها و هدَّمها بالهم بعدما كان يهتم بها و زوَّدها بالترح بعدما عوَّدها الفرح ..ثم تركها بعدما كان يترك الكل من أجلها و أكدوا له أنني طاغية في حبه و داعية لقربه و أيامي كلها هياما به و صلواتي تملؤها دعوات لله حتى يجازيها به و بلِّغوه اعتذاري و انتظاري و ندمي و غضبي و عتابي و عذابي و عن شدة خشيتي من عيشه مع غيري و حرقة بكائي بسببه و حلكة سواد ليلي بدونه و بلغوا حبيبي عن حنيني لرائحة عطره بعد رحيله و هجره و عن ذروة اشتياقي لروحه الطيبة و كلماته العذبة و أرائه الجيدة و لنفسه السيِّدة و رجولته المسيطرة و شخصيته الخطيرة . بلغوه أنني سأصون عرضه و لن أخون بعده مهما طال و لن أخلف وعده و لو بالأقوال و سأمهله مهما أهمل و سأحاول وصاله و ابقى عازمة للوصول له و سأراجع اخباره مهما خاصمني و قاطع و أوجع ، ليس لأنني رخيصة النفس بل لأنني حريصة على إصلاح فعلي حين خسرته و إنه سيمسح ذنبي و دمعي لو سامحني أو منح لذلك سمعا، حدّثوه عني و اخبروني بما قال حتى أرتِّب الآمال لاسترجاع خير الرجال .

و ان أبى الكلام عني فقولوا له مع ألف سلامة و سنكتفي برؤيتك في المنام و نكتب روايتك بالأقلام و نذكرك بخير الكلام ، و ستبقى لنا فارس الأحلام و مفارقا ملاما و سندعو النسيان من ربي و أن يهبنا إيمانا بدل ادمان حب مال بنا و أهاننا بالهجران ثم نسأله أن يرزقنا بك في الختام و ندعوه صبرا متينا كالحديد من عذاب شديد لحبيب بعيد ، و بلغوه أنه يسكن في قلبي و عقلي و يُخَلَّدُ في روحي حتى ينتهي عمري و يأخذني قبري ، و إني عروسه إما بفستان أبيض و عرس، إما بكفن و نعش....

معاتبة توبة

اقرأ ايضاّ