كيف خرجت من عنق الزجاجة بتسخير من الله

Hichem Art
تاريخ النشر :
وقت القراءة: دقائق

1- البداية

*بدأت بسن التاسعة عشر (19) العمل في مكتب للاستيراد و التصدير (مركز عبور) عند ابي الذي هو صاحب المكتب, حيث كنت فرحا واتطلع لطموحات من اجل بناء مستقبلي, واذ بي دخلت عالما خطيرا جدا , فيه اناس لا يعرفون للرحمة عنوان سوى الاموال و فقط.

*في احدى الايام وبعد فترة التكوين التي قمت بها, استلمت اول ملف لي للعمل عليه, اذ كان الملف يحتوي على ثلاثة حاويات مقاس اربعين قدم, من الابواب الخاصة بالحمامات اكرمكم الله, فذهبت لمباشرة العمل و تحرير الوثائق الازمة من الجهات المختصة وهي الجمارك.

*مركز الجمارك

كيف خرجت من عنق الزجاجة بتسخير من الله

-دخلت الى المركز من اجل ختم وثيقة تفتيش الحاويات الخاصة بالملف, وهو عمل روتيني واجباري, فتوجهت مباشرة لمكتب المفتش التحريري , وجدت الباب مفتوحا و طرقت الباب وانا انتظر السماح لي بالدخول اذ اتفاجئ بالناس يدخلون بدون إذن وكأنه سوق, دخلت تدريجيا وكان المفتش جالسا في مكتبه و سيجارة في يده, تقدمت له وقلت :

-انا : السلام عليكم حضرة المفتش

-المفتش : نعم تفضل , ماذا يوجد في ملفك ؟

(انا في حيرة من أمري من عدم رد السلام علي)

-انا : لدي ثلاثة حاويات تحتوي على أبواب خاصة للحمامات.

(وفي هذا الوقت بالتحديد تدخل إمرأة وفي يدها ملف)

-المفتش : انتظر أنت, ماذا يوجد في ملفك ايتها السيدة ؟

-المرأة : لدي خمسة عشر حاوية شكولاطة (علامة عالمية)

-المفتش : أهلاً أهلاً إذاً كم ستدفعين ثمن السماح بعبورها ؟

-المرأة : أنا لا ناقة لي ولا جمل في هذه الحاويات, سأتصل بصاحبها هاتفيا و أستأذِنه بالتحدث إليك

-المفتش : حسنا أنا أنتظر

-أنا : أيها المفتش صادق لي على ملفي من فضلك

-المفتش : قلت لك انتظر أو لن أوافق على مرور سلعتك

-أنا : حاضر...

-المرأة : تفضل أيها المفتش , صاحب السلعة عبر الهاتف

(يمسك المفتش الهاتف ويضعه على مكبر الصوت حيث كلنا نسمع المحادثة)

-المفتش : السلام عليكم, لديك خمسة عشر حاوية شكولاطة , كم تدفع من أجل السماح بمرورها ولن نفتحها كلها من أجل التفتيش ؟

-صاحب السلعة : يا أيا المفتش اتقي الله هذا يعتبر رشوة وهذا حرام

-المفتش : كم ستدفع و إلا سأتركها في الميناء حتى تنتهي مدة صلاحيتها

-صاحب السلعة : حسنا حسنا كم تريد ؟

المفتش : أريد واحد مليون لكل حاوية وأريدهم كاش فوق مكتبي

-صاحب السلعة : كثير جدا أيها المفتش هذا كثير

-المفتش : إذا لتتعفن سلعتك.... أيها الولد هات ملفك الذي لا يسمن من جوع هههه أبواب هه

-صاحب السلعة : إنتظر حسنا حسنا سأرسل لك الأموال مع السائق لكن عجل لنا بالموافقة

-المفتش : حسنا , لكن بما أنك إمتنعت في البداية سأنزل ثلاثة حاويات من أجل التفتيش بدلاً من الخمسة عشر

-صاحب السلعة : شكراً .... شكراً

- المرأة : حسناً سأنتظر في الخارج من أجل إستقبال السائق

-المفتش : غدا ستذهبون لساحة على الساعة العاشرة صباحاً من أجل تنزيل الحاويات أنتي ثلاثة حاويات , وأنت أيها الولد حاوية واحدة

-أنا : شكرا أيها المفتش

(وأنا في ذهول وغير مصدق مما سمعته أذناي و رأته عيناي, ألهذا الحد أصبح الناس لا يخافون الله ولا يبالون بأكل مال الحرام ؟).

*اليوم التالي.

كيف خرجت من عنق الزجاجة بتسخير من الله

-توجهنا في الصباح الباكر نحو ساحة التفتيش حيث تم إنزال أربعة حاويات ثلاثة للمرأة و واحدة لي, وبقينا ننتظر حضور نائب المفتش و المساعدين في فتح الحاويات.

ساعة الحسم.

-تم فتح الحاويات وإذ تمت سرقة نصف حاوية شكولاطة وتم توزيعها على جميع عمال الميناء, و كل هذا أمام مرئ الإمرأة في ذهول تام.

-هنا أنا قلت في نفسي ما هذا المستنقع الذي أنا فيه.

-تمت عملية التفتيش و تم غلق الحاويات و إرجاعها لمكانها, وذهبنا لمكتب المفتش مرة أخرى و تمت الموافقة على سلعتي و أخذت الموافقة ثم ذهبت , أما المرأة فتقبلت كل أعمال الجمارك بدون إعتراض .

العودة لمكتب أبي.

-عدت لمكتب العمل فوجدت أبي يصرخ مع المحامي الخاص بنا ويقول كيف يعقل هذا ؟؟؟

إنتابني الفضول حول الموضوع الذي أخرج أبي عن طوره, وسألت أحد العمال معنا فقال لي أن أحد العمال الخاص بأبي فتح فرع آخر في ولاية أخرى و بنفس إسم مكتب أبي و كان يستقبل الملفات على الزبائن و يستلم الأموال منهم بدون علم أبي , ثم هرب وفي هذا السياق قام الزبائن برفع دعوى على مستوى المحضر القضائي بإسم أبي الذي لم يكن يعلم شيء عن هذا الموضوع, بعدها ذهب أبي مع المحامي عند المحضر القضائي وانتهى الأمر بإلزامية دفع مبلغ قيمته (خمسة و ستون مليون) لكن على فترات و المدة المحددة هي ثمانية أشهر, وفي ذلك الوقت كان أبي قد أخرج كل أمةاله من أجل مشروع, يعني لم يملك أية نقود من أجل سداد الدين, ومن هنا بدأت المعاناة المعيشية.

كيفية الخروج من الأزمة.

-بمعادلة بسيطة تدرك أخي القارئ أنه يجب علينا دفع (ثمانية مليون و مائة و خمسة وعشرون ألف) كل شهر.

-الشهر الأول إستلفنا من جارنا المبلغ و سددنا الشطر الأول

-الشهر الثاني يجب أن ندفعه و في نفس الوقت يجب إرجاع المبلغ الذي إستلفناه من جارنا’ هنا ابي بدأ في بيع أثاث المنزل حتى أصبح المنزل فيه سجاد فقط, أصبحنا تحت الصفر , أمي باعت الذهب الخاص بها من أجل الوقوف في محنة أبي وتم دفع ستة أشهر, وبقي شهرين ولا يوجد عندنا شيء ولا فلس واحد , هنا جلس أبي على الأرض و رفع يديه داعيا الله (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث, أصلح لي شأني كله, ولا تكلني لنفسي طرفة عين) ثم نمنا ونحن جياع , لا يمكنني نسيان هذة الأيام مادمت حي.

  • فرج الله من حيث لا تدري
  • في صباح اليوم الموالي خرجنا انا و أبي لكي نبحث عن شخص يساعدنا في هذه الأزمة, لكن لم نجد أحد مع الأسف, فعدنا للمنزل وبينما نحن نقترب من المنزل شاهدنا شخص يقف أمام باب المنزل و يهم بطرقه حتى ناديته يا عم يا عم .
  • إستدار وقال لأبي أأنت فلان إبن فلان؟؟ فأجابه أبي نعم أنا هو من أنت؟
  • أجابه أنا محضر قضائي ولدي رسالة لك تفضل و وقع لي هنا من فضلك.
  • أبي تغلب عليه الدوار و سقط على الأرض حتى حملناه و دخلنا للمنزل و قدمنا له الماء و بدأ يفتح عينيه تدريجيا , فقال له المحضر القضائي ما بك يا سيد لا تخف هذا إشعار لك بأنك ورثت فنادق و مبلغ بالعملة الصعبة في أمريكا, و يجب عليك المرور إلى مكتبي لإستكمال الإجرآت من أجل تسليمك إرثك.
  • أمي بدأت بالبكاء و أبي سجد لله وعيناه تنهمر بالدموع وانا أحمد الله على نعمته , وأقول يا سبحان الله لقوة هذا الدعاء.
  • سددنا جميع ديوننا و أعدنا إعمار المنزل بالأثاث و الحمد لله.
  • أبي لم يشتكي بالشخص الذي أدخلنا في هذه الأزمة و سمح له غيابياً , لأنه لم يضهر بعدها بتاتاً , وأغلق مكتبه نهائياً .
  • هنا إنتهت قصتي أرجو أ تأخذوا منها العبرة و أن تتكلو على الله سبحانه و تعالى هو الوحيد الذي ينجينا من كل سوء و يسخر لنا أشخاص لمساعدتنا.
  • شكرا لك أخي القارئ على قرائتك قصتي و أدعو الله أن يفرج همك و يرزقك من خزائنه التي لا تنفذ.

اقرأ ايضاّ