كيف بدأ الصراع العربي الإسرائيلي؟.. الجزء الثاني

الصراع العربي الإسرائيلي

كانت الدول الاوروبية تغلق حدودها أمام الشعب اليهودي وقلصت الولايات

المتحدة عدد هجرة اليهود التي حددها الكونجرس خاصة بعد فشل مؤتمر ايفيون

لمساعدة اليهود المضطهدين في ألمانيا ولم يوافق أي بلد على فتح حدوده لليهود

المضطهدين . وأصبح اليهود بين اضطهاد أوروبي ورفض للوجود اليهودي في

اوروبا ورفض عربي وفلسطيني لوجودهم في فلسطين.

العمليات العسكرية اليهودية لبدء فرض السيطرة والتحكم في مجريات الأمور

كانت بريطانيا على أعتاب الحرب العالمية الثانية ولا تطيق التدخل في، الصراعات الصغيرة فقامت بتسليح جماعة الهجانا التي تأسست عام 1935 وهي جماعة مسلحة من أجل الدفاع عن اليهود ، وفي عام 1936 خرج العرب في مظاهرات وطالبوا بمنع هجرة اليهود وعارضت المعارضة الفلسطينية الوجود الصهيوني في فلسطين. وكلفت بريطانيا جماعة الهجانا بالقضاء على مظاهرات الفلسطينيين كمحاولة منها لضرب الطرفين حتى تفيق لعدوتها الكبرى ألمانيا ، ولتفادي تحالف العرب مع دول المحور أقامت بريطانيا مؤتمر سان جيمس في بريطانيا عام 1939 وجمع المؤتمر اليهود والعرب للمرة الأولى

ولكن الوفود العربية رفضت الجلوس مع الممثلين للوكالة اليهودية وهذا وضع

بريطانيا في موقف محرج أمام الأمم المتحدة وأدركت بريطانيا أن الوضع في

فلسطين خطر واصدرت الكتاب الأبيض وفيه تُحد بريطانيا من هجرة اليهود إلى

فلسطين وتثبت ان نيتهم لم تكن إنشاء وطن لليهود في فلسطين ، وتضمن إقامة

دولة عربية يهودية مشتركة خلال عشر سنوات ولم يرض الطرفين اليهود

والعرب بالكتاب الأبيض حيث انه يضع حد لأحلام اليهود في فلسطين ،

والفلسطينيون رفضوا ان يكون حكمهم لبلادهم بعد عشر سنوات ، وهدأت

الأوضاع في فلسطين بسبب قيام الحرب العالمية الثانية .

ولكن اتفق اليهود على مساعدة بريطانيا في الحرب رغم رفضهم للكتاب الأبيض

الذي أصدرته بريطانيا وساعدت جماعة الهاجانا المسلحة بريطانيا في مواجهة

القوات النازية .

أثناء الحرب العالمية الثانية تم قتل ثلث اليهود في العالم في غرف الغاز

والمعسكرات النازية ولم يرغب الناجين منهم في العودة لبلادهم نظرا لفقدانهم

لعائلاتهم في تلك البلاد .

وانتصرت بريطانيا في الحرب ولكن بقيت على الكتاب الأبيض رغم وجود

ألاف من اليهود الناجين من هتلر ولا يجدون مكانا يأويهم لا في اوروبا ولا

فلسطين الممنوع الهجرة إليها وفقا للكتاب الأبيض ، وقامت بريطانيا بترحيل

الناجين منهم إلى قبرص .

في عام 1946 كشفت بريطانيا أوراقا تثبت قيام الوكالة اليهودية بأعمال تخريبية

وقررت اعتقال يهود متورطون في أعمال التخريب وكان هذا ضربة قوية للكيان

الصهيوني , وقامت الميليشيا اليهودية بتفجير فندق الملك ديفيد مقر تواجد

البريطانيين في فلسطين مما أسفر عن إدراك بريطانيا بإنه لا يمكن السيطرة على

المنظمات اليهودية المسلحة واختارت بريطانيا الانسحاب وكان هذا في صالح

الكيان الصهيوني الذي كان يرغب في فرض سيطرته على فلسطين دون وصاية

من أحد، ودون الرجوع إلى بريطانيا التي تحد من فرض سيطرته وأطماعه.

اليهود ضحايا الإضطهاد

بناء على طلب بريطانيين شكلت الأمم المتحدة لجنة تحقيق دولية عام

1947 أوصت بإقامة دولتين يهودية وعربية حيث اثر الهولوكست في أعضاء

الأمم المتحدة ورفضت بريطانيا هذه التوصية وتمسكت بالكتاب الأبيض. في هذا

الوقت لم يدرك الفلسطينيون أن الأمم المتحدة واوروبا زاروا الهولوكست

ومخيمات اللاجئين اليهود واقتنعوا بأنهم ضحايا ويجب تعويضهم بإقامة دولة

يهودية لهم .

تحدى الموساد الإسرائيلي القرارات البريطانية وظل يرسل لاجئين يهود في سفن

سراً واكتشفت بريطانيا ذلك وكانت تواجه هذه الرحلات البحرية وتضربها

وتدخل في اشتباكات عنيفة معها ، وكان لهذا صدى عالمي واضطرت بريطانيا

إلى المساومة حيث إنها تواجه رأي عام عالمي يرغب في تعويض اليهود عن

المجازر التي شهدوها .

وتقابلت الدول الغربية مرة أخرى في الأمم المتحدة لحسم مستقبل فلسطين ، كان

الجميع في بداية الأمر سيصوتون ضد خطة التقسيم ولكن استخدم اليهود جميع

أوراق الضغط مرة بالتذكير بضحاياهم في الحرب وأخرى بإقراض دول مثل

الفلبين للتصويت على مشروع التقسيم ، ووجه وزير الخارجية الروسي خطاب

مؤثر لصالح الكيان الصهيوني جعل جميع الحاضرين يغيرون رأيهم لصالح

التقسيم .

وكانت النتيجة 33 صوتأ مع التقسيم و 13 صوتا ضد و 10 امتناع عن التصويت.

يرى البعض ان امتناع فلسطين عن التصويت كان خطأ كبيرا لأن العالم رأى

ذلك رفض للسماح بالتنوع داخل البلد ورفض لليهود ، ولكن من وجهة نظر الفلسطينيين انهم لم يجدوا مبررا للتخلي عن نصف وطنهم وعجزوا عن استيعاب ما يحدث . قضى اليهود ليلة رقص على خلفية إعلان نتيجة التصويت بالتقسيم ، وفي الصباح اندلعت الحرب بين الفلسطينيين والهاجانا .

حاولت بريطانيا فرض الأمن ولكن خطة دالاس عام 1948 أعطت جماعة

الهجانا مسئولية الحفاظ على الأمن وسمحت لها بطرد الفلسطينيين وعملت

الهجانا على القيام بمجازر وإخافة الجنود البريطانيين للضغط عليهم للمغادرة

ومن ضمن هذه المجازر مجزرة دير ياسين والتي اسفرت عن 200 ضحية من

الفلسطينيين .

وفي مايو عام 1948 وقف بين جوريون تحت صورة الصحفي النمساوي

هرتزيل وأمسك علم عليه نجمة داوود وأعلن تأسيس دولة اليهود وسنسميها

إسرائيل وسنمد يد العون للدول المجاورة وهناك مساحة لنا وللعرب وأصبح حلم

اليهود حقيقة .

انتهاء الإنتداب البريطاني عن فلسطين

وبعد هذا انهت بريطانيا انتدابها عن فلسطين وعادت بجنودها إلى بريطانيا

وسلمت القيادة إلى قادة صهاينة ، ولم يتبق للفلسطينيين غير الدفاع عن انفسهم

وساعدتهم الدول العربية المجاورة في حربهم مع إسرائيل ولكن كانت إسرائيل

تفوز في كل الحروب التي دارت عام 1948 بإستثناء الصراعات في القدس ،

ضمت المملكة الأردنية الضفة الغربية وتولت مصر قطاع غزة من أجل الحفاظ

على الهدنة .

تابعوا بقية الحدوتة في الجزء الثالث ... يتبع...

Nermin Yousif

كاتبة وصحفية وباحثة إعلامية

كاتبة وصحفية خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً . خبرة 17 عاماً كباحثة إعلامية في إتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري. البحث والتدقيق في التفاصيل من أهم مراحل عملي لإنجاز المقالات ، لدي سهولة في استخدام اللغة العربية وكلماتها البديعية في صياغة المقال لخدمة هدف المقال، وقدرة على ترتيب الأفكار بشكل جذاب يشد القارئ للمحتوى دون ملل أو تطويل. لدي خبرة في كتابة المقالات وسيناريو مسلسلات للكبار والصغار.

تصفح صفحة الكاتب