قصة باسم: شغف والأحجار الزجاجية الملونة

هبة  الطاهر
كاتبة حرة
وقت القراءة: دقائق

أخبروني يا أحبتي... عن ماذا تريدون أن أحكي لكم اليوم؟؟؟

حسنا. هناك قصة أريد أن أرويها لكم، قصة تخلط بين الواقع الذي نعيشه وبين الخيال الذي نحلم به...

حكاية تتكلم عن فتاة عالم أحلامها يسبق واقعها، لونه وردي معشق بالورد الأحمر الجوري.

اسمها شغف، وهي اسم على مسمى، كل شيء تلمسه يقع في حبها، أينما حضرت يحل الحب، يحل الياسمين، تحل الموسيقى الهادئة.

شغف فتاة من رحيق الأزهار، ولدت في شهر أبريل، شهر الربيع، أسمتها أمها بهذا الإسم لأنها طموحة ولديها أحلام ولم تحققها بعد الزواج، فجاء الاسم تحقيقا لأحلام أمها.

هل تتساءلون يا ترى عن الأحداث الباقية؟ دعونا نكمل.

بلغت شغف الثانية عشر من عمرها وكانت تذهب إلى المدرسة صباحا حتى الظهر، فتحضر أمها الغداء عند مجيئها مع أبيها.


اقرأ ايضا

    أتى يوم حضرت فيه الأم لابنتها مفاجأة لعيد ميلادها، وقد أزهر الربيع وتفتحت الأزهار معه.

    وصلت شغف إلى البيت لاحظت أن الإنارة مطفئة فأشعلتها: صوت فرقعة من خلفها : عيد ميلاد سعيد وغنوا الأغنية التي تقول سنة حلوة يا جميل سنة حلوة يا جميل،

    وضعت الكيكة وسط الطاولة وكان حولها المعجنات وبعض أطباق السلطة والعصائر.

    أشعلت أمها فتيلة الشمعة المكتوبة برقم ١٢ وقالت لها تمني أمنية، أطفأت شغف الشمعة وتمنت الأمنية.

    الكيكة عبارة عن كيكة شوكولا وعلى طرفها فراولة وكيوي وتفاح وتتوسطها قطعة شوكولا.

    قطعت الكيكة وأخذ الكل نصيبه منها. انتهت الحفلة وأصبح كل من سحر ويمام وشغف بمفردهم.

    قدم أبيها إليها هدية وعانقها وقال: كل يوم وأنت زهرة تكبر في قلبي.

    أما أمها فكانت تنظر إليها وهناك لمعان في عيناها. خمنت شغف ما كانت تفكر به أمها بأن هناك مفاجأة لها في غرفتها بعيدا عن الأنظار.

    حسنا، هل أنتم متشوقون لتعرفوا ما المفاجأة؟؟ وأنا كذلك، هيا بنا.

    مشت شغف بشكل مستقيم نحو غرفتها وهي تحمل هدية أبيها، فتحت الباب وهي تصدر صريرا خفيفا عند فتحه، وكأنها تدخل خفية إلى غرفتها.

    فتشت في أنحاء الغرفة فلم تجد شيئا على طاولتها، يبدو أن أمها تجيد إخفاء الهدية بامتياز.

    تساءلت ما هي هدية أمها، لقد بلغت الثانية عشر الآن وهي على مشارف البلوغ، وهناك أسئلة تريد أن تطرحها على أمها.

    بحثت على طاولة دراستها فلم تجد شيئا أو على رف كتبها حتى الآن لم تجد شيئا أو على رف كتبها حتى الآن لم تجد شيئا.

    إلى أن فتحت خزانتها، هناك شيئا يلمع وكأنه كيس هدايا، وهو كبير الحجم. أخيرا وجدت الهدية.

    مزقت كيس الهدايا ذو اللون البنفسجي اللامع، يوجد بداخله صندوق أبيض و بداخل الصندوق توجد كرة زجاجية ضخمة قاعدتها ذو لون زهري فاتح بداخلها فتاة وأشجار وحولها ندف ثلج وأشياء لامعة. لها زر إنها تنير ضوءا أبيض.

    غمرها الشعور بالفرح حين رأت الهدية ونامت بأحلام زهرية مشعة.

    أفاقت شغف والشمس على وجهها، ليوقظها شعاعها الدافىء، دلفت نحو الحمام، غسلت وجهها ثم أكملت طريقها نحو المطبخ، وهي تعرف بأن أمها تستيقظ قبلها لتعد لها ولأبيها الفطور.

    كانت ترتدي ملابس المدرسة، مشطت شعرها وجدلته. طبعت قبلة على خد أمها وهمست في أذنها : أشكرك على الهدية يا أمي.

    كانت سحر تعد البان كيك وشعرت بالحب اتجاه ابنتها الصغيرة. كم كبرت وأصبحت مؤدبة.

    جلست شغف بجانب أبيها، أما يمام فكان يرشف القهوة ويقرأ جريدته الصباحية قبل أن يذهب إلى العمل، هو من يوصل شغف كل يوم قبل عمله إلى مدرستها في آخر الحي.

    شربت شغف الحليب مع البان كيك ثم قالت : هل بإمكاني الذهاب بمفردي اليوم إلى المدرسة يا أبي؟؟

    أبعد يمام الصحيفة ورفع رأسه: لماذا تريدين الذهاب بمفردك يا عزيزتي. إني أخاف عليك من السيارات.

    حسنا يا أبي، أريد أن اشتري شيئا مميزا لهذا أريد المرور على محل يبيع الأشياء الخاصة بالفتيات من مجوهرات وأساور وحمالات مفتاح.

    كما أريد اليوم أن أغلق باب المنزل بمفردي لو سمحت.

    ياإلهي هل كبرت عسلتي وتريد قفل الباب بمفردها؟ بات يداعبها ويربت على رأسها.

    حسنا، إذا كان الأمر كذلك فلك ما تريدين، ولكن انتبهي على الطريق. ثم أعطها مفتاح المنزل ومعها ٥٠ درهم إماراتي. ودع زوجته ثم ذهب إلى العمل.

    أخذت شغف المال بسعادة وودعت أمها ثم قفلت الباب وأكملت طريقها نحو بائع التحف والمجوهرات الذي في الجوار. اشترت منه كيس فيه كرات زجاجية مشعة تضيء عند وضعها في الشمس،وهي ملونة. وضعت الكيس في الجيب الأيسر من حقيبتها.

    هنا رأت صديقتها سارة وألقت التحية عليها و صارتا يتحدثان عن المدرسة وما فيها.

    أخرجت الكيس من الحقيبة وأرته لسارة، أعجبت سارة بلمعان الأحجار الزجاجية الملونة. وقالت : كيف خطرت لك هذه الفكرة أيتها الماكرة؟؟

    فأكملت شغف : أمي من ألهمتني لفعل ذلك فقد أهدتني كرة زجاجية بداخلها فتاة مع ندف ثلج وأشياء لامعة. فوجدت نفسي ثاني يوم أشتري هذه الأحجار الزجاجية الملونة.

    اجتمعت روعة وسارة وروند وآلاء وشغف في الفسحة.

    وضعت شغف كيس الأحجار الزجاجية وسط الحلقة التي يشكلنها وكأنه كنز، أرت صديقاتها كل حجر، وقالت : ما رأيكن أن تتخيلين عالما خاصا بكم ثم تقول كل واحدة ما هو عالمها؟ مدت الأصابع لقسم البنصر. تعهدن على ذلك.

    هاهن يتعاون على سرد القصص التي تنمي خيالهن وتروي كل فتاة عن عالمها.

    شغف تحب الأزهار عالمها مليء بالورد الجوري والياسمين.

    روعة تحب الماء فرسمت في خيالها شلال وحوله خضار وأشجار.

    سارة تحب الشاطئ والبحر فتخيلت نفسها مستلقية تحت ضوء الشمس مع أهلها وصديقاتها.

    روند فتاة هادئة تحب قراءة الكتب، لونت خيالها بغابة سحرية لها بوابة إلى عالم آخر.

    آلاء تحب الحيوانات والقطط بشكل خاص وكان عالمها غابة أدغال مليئة بالحيوانات والقطط السوداء ذات العيون الخضراء الزمردية.

    قررن جميعهن أن تجلب كل واحدة منهن علبة خرز ملونة وأن يصنعن أسوارة وأن تكتب كل واحدة عليها اسمها.

    مرت الأيام وتفرقت الطرق، كبرت شغف وأصبح عمرها ثامنة عشر عاما، انتقلت إلى بيت جديد قبيل خمس سنوات.

    لم تعد تتواصل مع رفاقها في المدرسة الابتدائية إلا قليلا. أضاءت فكرة في رأسها وهي في الفسحة بمدرستها، قررت إعادة الاتصال مع رفاقها في المدرسة الابتدائية، طلبت الأذن من أمها أن تكون هدية عيد ميلادها القادم هاتف ذكي لكي تتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

    هكذا حتى اليوم المنشود وهو عيد ميلادها. كانت عائدة من المدرسة، أنارت الضوء، سمعت صوت فرقعة من خلفها : عيد ميلاد سعيد، هاهي حفلة عيد ميلادها الثامنة عشر وهذه المرة مع صديقاتها في الثانوية.

    أطفأت شموعها وتمنت أن يجمعها الله برفقتها القديمة فهي تحن إلى الأيام التي تجمعها بهن.

    ذهبت إلى غرفتها بعدما انتهت الحفلة وتلقت التهاني ورقصت قليلا مع أبيها وصديقاتها وتجاذبت معهن أطراف الحديث مع أكل المقبلات والعصير.

    كانت الساعة الثانية عشر في منتصف الليل. فتحت غرفتها وأخذت تبحث عن هدية أمها.

    أين يا ترى وضعتها هذه المرة؟

    بحثت في رف الكتب فوجدت صندوق ومعه بطاقة معايدة من أمها. فتحت العلبة كان بداخلها هاتف ذكي نوع ال جي ٤.

    إنها تعرف طريقة فتحه من دون أن ترى الكتيب، فهي تملك كمبيوتر خاص بها من أجل دراستها وتقاريرها المدرسية.

    ماذا؟ هل خمنتم بالطبع إنها تملك حسابا للفيسبوك وكانت تبحث عن رفاقها في تلك الأونة ولحسن حظها وجدتهم وتواصلت معهم.

    تريد أن تجتمع معهن في الحديقة التي أمام مجمع اللولو التجاري في مدينة الشارقة.

    لبست الأسوارة التي عليها اسمها وذهبت. هكذا قررت الصديقات بعد خمس سنوات أن يلتقين ببعضهن في مجمع اللولو التجاري تخليدا للذكرى في طفولتهن عن آخر مرة التقين فيها لتشتري كل واحدة منهن علبة خرز أخيرة.

    تعانقت كل واحدة منهن مع الأخرى، ثم جلسن في مطعم وشربن البوبا، وكل واحدة منهن تتحدث عن الأيام الخوالي التي قضيناها في المدرسة الابتدائية وكيف أنهن أطلقن الخيال لأنفسهن وهن طفلات.

    ثم التقطت شغف صورة سيلفي معهن وكل منهن رافعة يدها مبرزة الأسوارة التي صنعتها وهي بعمر الثانية عشر ربيعا.

    قصة باسم: شغف والأحجار الزجاجية الملونة
    هبة  الطاهر

    هبة الطاهر

    كاتبة حرة

    أحب الصباح وكل ما يتعلق به أكتب عنه وعن تفاصيله الصغيرة وأكتب عما أشعر خلال يومي بشكل قصير ومفيد

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ