قريبا ستصبح الروبوتات حنونة كالبشر

الكاتب

منة ادريس

متابعة

مترجمة من الإنجليزية إلى العربية/ كاتبة محتوى علمي

تشير فرضية رواية فيليب كيه ديك الشهيرة هل تحلم الروبوتات بخرفان آلية؟( Do Androids Dream of Electric Sheep) والتي نُشرت لأول مرة في مارس 1968، إلى أن التعاطف يحدد إنسانيتنا.

تصف الرواية والفيلم المستوحى منها مباشرة( Blade Runner ) أجهزة أندرويد لا يمكن تمييزها عن البشر ولا يمكن كشفها إلا من خلال اختبار التعاطف(the Voight-Kampff empathy test).

من خلال الجمع بين التحليل النفسي وقياس ردود الفعل الفسيولوجية، يسعى الاختبار إلى تحديد ما إذا كان الشخص قادرًا على التعاطف.

إذا أظهر الشخص اهتمامًا إيجابيا بحياة الآخرين، فسيتم اعتبارهم بشرًا، ويُسمح لهم بالعيش. إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيتم اعتبارهم غير بشريين و يجب إبادتهم.

في عصر الذكاء الاصطناعي الحالي، هل يمكن أن يشعر الروبوت بالتعاطف؟ أو بمعنى أدق هل يمكن أن يصبح حنونا كالبشر؟

الروبوت بيبر و قراءة التعبيرات العاطفية للأشخاص

في عام 2015، حظي الروبوت المسمى بيبر(Pepper ) باهتمام كبير لقدرته على قراءة التعبيرات العاطفية للأشخاص وتقديم المحتوى المناسب لذلك.

يعبر بيبر عن نفسه من خلال تغيير لون عينيه وجهازه اللوحي أو نبرة صوته. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه يمكنه أن يشعر بالعواطف الإنسانية بنفسه.

تيغا الروبوت الكرتوني البعيد عن شكل البشر

من جانب مغاير، هناك نظرية أخرى لبعض العلماء ترى أن الروبوتات التي تشبه البشر إلى حد كبير يمكن أن تسبب مشاعر الرعب والنفور لدى البشر أكثر.

لذلك، يفضل العديد من مصممي الروبوتات أشكال الرسوم المتحركة. وهذا لتجنب تأثيرالوادي الغريب( Uncanny valley ) الذي حدده عالم الروبوتات الياباني ماساهيرو موري.

نتيجة لذلك، يختار المصممون الأشكال الكرتونية لأنها ممتعة أكثر، خاصة لدي للأطفال. لنأخذ على سبيل المثال الروبوت تيغا (Tega )، الذي تم وصفه بأنه خليط بين Furby وTeletubby. هذا الروبوت يتم الترويج لـه باعتباره رفيقًا آليًا يمكنه أن يكون قدوة جيدة للأطفال عند برمجته بسلوكيات مرغوبة.

بارو الروبوت المساعد اجتماعيًا

يفضل بعض المطورين استخدام مصطلح "الروبوت المساعد اجتماعيًا" بدلاً من "الروبوت الاجتماعي". هدفهم هو مساعدة مقدمي الرعاية والمعالجين والمعلمين في عملهم.

أحدهم هو بارو( Paro) الذي يشبه الفقمة الصغيرة( baby seal ) ويستخدم كبديل للعلاج في دور الرعاية السكنية لكبار السن.

كاسبر الروبوت الخاص بالمصابين بالتوحد

يتجلى الاستخدام الواعد الآخر لبعض الأنواع الأخرى من الروبوتات في العمل العلاجي مع الأطفال المصابين بالتوحد.

يرتبط التوحد بصعوبات في قراءة القرائن الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين. أظهرت الدراسات أن الألعاب التي يتم لعبها مع شخص بالغ أو طفل آخر من خلال روبوت مثل دمية كاسبر( Kaspar) يمكن أن تساعد الأطفال المصابين بالتوحد على الخروج من قوقعتهم.

روبرت الروبوت القادر على التعاطف
كما نلاحظ فالتكنولوجيا الحالية بعيدة كل البعد عن إنتاج أجهزة أندرويد لا يمكن تمييزها عن البشر. ولكن يبدو أن الباحثين في مجال الروبوتات قريبون من إنشاء آلات قادرة على التعاطف.

وصفت ورقة بحثية أجريت عام 2011 إجراءً تجريبيًا حيث قام شخص يرتدي جهاز تخطيط كهربية الدماغ (EEG) ،وهي شبكة من أجهزة استشعار نشاط الدماغ الموجودة على فروة الرأس، بتنفيذ مهام مختلفة.

اكتشف الروبوت المسمى روبرت (Robert)- نظام معلومات قائم على الكلام ذو شكل بشري- أنه قادر على عرض معلومات خاصة به حول الطلاب الذين كان الشخص يقابلهم وفقًا لأنماط دماغ مستخدمه.

تلك المعلومات اللفظية التي تمت عبر تحويل النص إلى كلام، تشير في نتائج التقييم إلى إمكانات الكبيرة للتفاعل التعاطفي بين الإنسان والروبوت مستقبلا.

لكن إي نوع من التعاطف هنا؟

عندما يتحدث العلماء عن التعاطف هنا، فإنهم يركزون على التعاطف المعرفي( cognitive empathy) والذي يُطلق عليه أحيانًا "نظرية العقل"، و هي القدرة على فهم معتقدات الآخرين ومشاعرهم ونواياهم.

أما التعاطف بالمعنى المتعارف عليه فهو القدرة على مشاركة وفهم مشاعر الآخرين. وهو عبارة عن بناء لمكونات متعددة، يرتبط كل منها بشبكة الدماغ الخاصة به. هناك ثلاث طرق للنظر إلى التعاطف:

أولا هناك التعاطف العاطفي. هذه هي القدرة على مشاركة مشاعر الآخرين. الأشخاص الذين يسجلون درجات عالية في التعاطف العاطفي هم أولئك الذين، على سبيل المثال، يظهرون رد فعل قويًا عند مشاهدة فيلم مخيف.

ومن ناحية أخرى، فإن التعاطف المعرفي هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين. وخير مثال على ذلك هو الطبيب النفسي الذي يفهم مشاعر العميل بطريقة عقلانية، لكنه لا يشارك بالضرورة مشاعر العميل بالمعنى العميق.

وأخيرًا، هناك التنظيم العاطفي. يشير هذا إلى القدرة على تنظيم عواطف الفرد. على سبيل المثال، يحتاج الجراحون إلى التحكم في عواطفهم عند إجراء عملية جراحية للمريض.

الطريقة الوحيدة لجعل الروبوتات تشعر بالتعاطف

التجارب العلمية المتوفرة حاليا تركز على منح نماذج الذكاء الاصطناعيز قابلية التعاطف عبر تعليمهم رؤية كيف يتصرف البشر في ظل سيناريوهات اجتماعية مثيرة للعواطف و الأحاسيس، ثم تشفير بعض القواعد في أجهزتهم.

لكن هذا النهج، إذا شاهد الروبوت مقطع فيديو لشخص يعاني من رد فعل مؤلم عند السقوط، على سبيل المثال، فيمكن تعليمه تقليد رد الفعل هذا كوسيلة للتواصل مع الشخص المتضرر، و سيكون بمثابة تمثيل مسرحي لأنه لن يؤدي إلى الشعور بأي تعاطف.

أما بالنسبة لقدرة الروبوت التعاطفية، يحتاج الروبوت إلى (1) نمذجة مشاعر الإنسان و (2) تعديل سلوكياته الاجتماعية بناءً على مشاعر الإنسان.

ولكي يحدث ذلك، استنتج العلماء إلى أنه يجب منح الروبوتات القدرة على المعاناة. يجب أن يعاني الروبوت من نوع الألم الذي يمكن أن ينجم عن السقوط بدلا من ذلك. ويشير الباحثون إلى أن هذا هو ما يجب فعله لجعل الروبوتات تفهم لماذا يعد إيذاء شخص ما أمرًا سيئًا، وليس ترميز قاعدة في دوائرها المنطقية.

مراجع:
https://theconversation.com/empathetic-ai-has-more-to-do-with-psychopathy-than-emotional-intelligence-but-that-doesnt-mean-we-can-treat-machines-cruelly-225216
https://techxplore.com/news/2023-07-ai-based-robots-empathy-wont.amp
https://theconversation.com/philip-k-dicks-androids-looked-like-humans-but-real-world-robots-may-soon-feel-empathy-too-92084