غيمة كانون

Razan ALShrideh
كاتبة ومفكرة
نشرت:
وقت القراءة: دقائق

لكل منا حكاية لا يستطيع البوح بها، عالقة في مخيلتنا مهما تقدمنا وتطورنا وأنجزنا تظهر لنا، نبقيها بداخلنا لا نستطيع التحرر منها ولا البوح عنها نقطة ضعفنا، جرحنا الأليم، طاقتنا المستنزفة، عمرنا الضائع، تجاربنا الفاشلة، أحلامنا التي لم تكتمل، وجعنا الذي ينزف ينتهز كل فرصة ليذكرنا به.

- غيمة سوداء تعصف بحياتنا.- غيمة سوداء تعصف بحياتنا.

ترى الدنيا بالون الأسود، تتنفس من ثقب أبره، تتوارى عن أعين الناس لتخفي دمعة الحزن الحارة، تجبر على التمثيل أنك بخير وما بين حزنك وإبقائه سرا تنمو فجوة يزداد بها هذا الحزن يوما بعد يوم ، تحاول التأقلم مع هذا الألم والوجع الذي ينهش قلبك وروحك آخذا بالأسباب تارة بالصلاة والدعاء والتوجه لله تعالى، وتارة بالنوم والهروب من الحياة بحجة النعاس أو السهر، أو بمتابعة فلما أو مسلسلا، بالبكاء الهستيري، محاولات لا متناهية للتخلص من هذا الألم لكنه يبقى لا يمر تنظر لنفسك وتحدثها هل نظرتي سوداوية للحياة أم ما عشته كان قاسيا، نخاف مشاركة أحد لأنه كما قال الشاعر:

"لا تشك للناس جرحا أنت صاحبة لا يؤلم الجرح إلا من به ألم"

فلا أحد يشعر كما تشعر ولا أحد يرى جرحك كما تراه فتتيقن بأن الصمت أبلغ من الكلام فتختار أن تبقيه بداخلك وتتقبله وترضى به بعدما كان رفضك له قد أذاب فيك كل ما هو جميلا وأحرق لمعة عينيك وهز كيانك وأصبحت رمادا بعدما كنت كتلة من النار، هنا تقرر بأن تولد من جديد وتزدهر وتتحرر وتنطلق وتحاول تارة تلو الأخرى مع الاحتفاظ بهذا الألم لتعقد معه شراكة بأن يبقى سرا مهما حدث وأنت ستبقيه بداخلك راضيا به.

أنت الذي كنت تقلق وتخاف وتسهر ليال طوال من الحيرة والتفكير تقرر التسليم لله تعالى وتغض نظرك عن كل ما كان يهمك من قبل، مؤمنا بأن الله أرحم بنا من أنفسنا، تثور لنفسك تحاول لأجلها لأجل الجبين الذي هرم ليرى ضحكاتك لأجل أبيك، هنا خاصة يأتي أمل صغير كالضوء الصغير في الظلام ككلمة دافئة، كهدية لطيفة، كارتطام أشعة الشمس على خدك يشعرك بأنها تلاطفك، كنسمة الهواء العليل الذي يعيد شتات روحك، كالين الراحة لون الحياة الأخضر الذي يبعث الراحة والسلام، تشعر بأنها رسالات بأن هناك حياة وبدايات وحكايات كثيرة وأملا جديدا لكن هذه المرة ستسطر حكايتك بيدك، وأن الألم الذي أحرق روحك هو الذي صنعك وأولدك من جديد لأن النضج هو ولادة ثانية فكن فخورا بهذا الألم...

Razan ALShrideh

Razan ALShrideh

كاتبة ومفكرة

شغوفةً بالقراءةِ كثيرا ، أحب الكتابة الحرة بشكلٍ تقنيٍ ومختلفِ خاصة الخواطرِ والمقالاتِ.

تصفح صفحة الكاتب

اقرأ ايضاّ