لا أظن أنني، يومًا ما، عندما أجلس مع رجل، سأسمح له أن يسألني عن طعامي المفضل، أو عن أنواع المأكولات التي أحبها. لا أدري إن كان هذا التفكير غريبًا، لكنني أعلم يقينًا أنه لو كنتُ رجلًا، لما سألت امرأة إطلاقًا عن ذلك، ولا عن الأماكن التي تحبها، ولا عن حبها للورود أو الشوكولا.
لكن لا تفهمني خطأ، فأنا لستُ من أولئك اللواتي يقلن: "إن كنتَ مهتمًا، فستعرف ذلك من تلقاء نفسك." لا، الأمر بالنسبة لي أعمق من مجرد سؤال عابر، وأبعد من إدراكه بهذه البساطة. لأننا، يا عزيزي الرجل، كتبنا آلاف الكتب، وصنعنا آلاف الدورات، وسهّلنا لك كل الطرق لفهم هذه التفاصيل دون الحاجة إلى طرحها كأسئلة.
ومع ذلك، سأمنحك الفرصة مجددًا: لا تسأل امرأة عمّا تحب، بل راقب، استشعر، وكن حاضرًا. وأخبرني، أي امرأة لا تحب الورود، بكل أشكالها وألوانها؟ حتى وإن كانت وردة مجففة، يكفي أنها وردة. وأي امرأة لا تحب الشوكولا، البيضاء كانت أم الداكنة، بأي نكهة وأي حجم؟ لا تسأل، فقط اجلب الورود والشوكولا في كل وقت وحين، مع مناسبة أو بلا مناسبة، ولا تجعل الأمر قابلًا للنقاش.
والآن، قل لي، ما شعورك حين تسأل امرأة عن طعامها المفضل؟ كيف يمكن لرجل بلغ ذروة رجولته أن يجلس مع امرأة طاغية الأنوثة ثم يسألها: "ما الذي تودين تناوله اليوم؟" لا يا عزيزي، امرأة كهذه لا يُقدَّم لها إلا ما لذَّ وطاب، دون أن يُطرح السؤال أصلًا.
تخيل فقط… امرأة بكامل أنوثتها تجلس مع رجل بكامل رجولته، ثم تطلب له سوشي!
بالضبط، الأمر في غاية البساطة، ولكنه عميق في الوقت نفسه. هو ليس مجرد تفضيلات أو اختلافات سطحية، بل فرق جوهري بين طبيعة الهرمونات الأنثوية والذكورية، بين التكوين النفسي والعاطفي لكل طرف. نحن لسنا مثلكم، وأنتم لستم مثلنا، وهذا ليس نقصًا أو تفوقًا، بل تكاملًا يجب أن يُفهم جيدًا.
لهذا، على كل طرف أن يعمل جيدًا على هرموناته، أن يدرك طبيعته ويتصالح معها بدلًا من محاولة فرض منطقه على الآخر. فالرجل في قمة رجولته لا يحتاج أن يسأل عن أمور بديهية، والمرأة في ذروة أنوثتها لا تحتاج أن تشرح ما هو واضح بالفطرة. التفاهم الحقيقي لا يُبنى بالأسئلة الساذجة، بل بالاستيعاب العميق.


بشرى حسن الأحمد
كاتبة مقالات اجتماعيةحاصلة على شهادة سينريست و إخراج كاتبة مقالات اجتماعية و متنوعة ناشطة اجتماعية و محاورة بقضايا المرأة