رسالة الى جيش السلام!

نشرت:
وقت القراءة: دقائق

يعد بداية معركة طوفان الأقصى، قام مجموعة من المستعربين وعلى رأسهم المدعو وائل غنيم بتأسيس مجموعة لقبوا أنفسهم بجيش السلام، يتبنون التيار الذي يهاجم ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر ويعتبرونه سوء تخطيط وتضحية بالأبرياء. طبعاً ولأننا ندرك أن التعميم أحد أشكال الظلم فنحن نعلم أن هناك من ضمن من ينتمي لهذا التيار من يهتم بالقضية الفلسطينية ويتعاطف مع أهلها ولكنه ينظر للأمور من الزاوية الخطأ (ثقافة الشرف والعلف). وجهت سؤال الى غنيم حينها وسألته: هل من الممكن أن تشرح ما تقصد بجيش السلام؟ أم تقصد الإستسلام؟ السلام يكون بين طرفين يضمن كل منهما حقه في الحياة في بلده أو منطقته حسب إرادته بحرية وسلام دون أي تعدي من الطرف الآخر. كيف يتحقق السلام مع طرف يتحكم في حركتك، في حياتك، يتحكم في الماء والكهرباء والهواء؟ هذا لن يكون سلاماً، بل استسلاما. الإحتلال لا يزول الا بالمقاومة والتاريخ خير شاهد. هل كان جيش السلام هذا الذي تدعوا اليه سيحرر الجزائر من المستعمر؟ لماذا الجزائر بلد المليون شهيد؟ لأن أهلها رفضوا الاستسلام وقاوموا ودفعوا ثمنا غاليا حتى يستعيدوا حريتهم، وما زالت وستبقى تضحياتهم خالدة في التاريخ وكتبه وفي عقول كل أحرار وأشراف العالم.

كيف يكون سلام مع فئة بشرية تخفي في أجندتها أيديولوجية مرعبة ووحشية أضعاف ما يظهرون الآن في هذه الحرب. أرجوك أخبرني كيف تنوي بجيش السلام هذا أن تحرر فلسطين؟ ما الخيار الذي تقترحه على أهل فلسطين (سواء قبل بدأ الحرب أو بعدها)؟ أتطلب منهم أن يقبلوا الذل والهوان من مغتصب أرضهم! من يمنعهم من التمتع بأدنى ما يستحقه إنسان! إلى متى؟!بالله عليك أخبرني ما الذي ترمي إليه! فرد على أحد رفاقه قائلا: لو كان في فلسطين مقاومة حقيقية لا تتاجر بوطنها وتحارب بشرف بعيد عن الاختباء بين الاهالي وتعريضهم للخطر وتبعدهم عن مناطق الاشتباك لتحررت فلسطين من زمان ولدعمها كل العالم. فأجبته متعجبا بما يلي: مقاومة حقيقية! وماذا تعرف عن المقاومة؟ أي بلد قمت بتحريره بتلك المقاومة الحقيقية؟ مصر، الجزائر، هونولولو؟ وهل سنقوم بالتنظير والقاء المحاضرات مستندين على بعض ما قرأناه في حفنة أوراق وكتب على من هم يعيشون ويقاومون الاحتلال مقدمين الغالي والرخيص فداء ذلك من وراء شاشاتنا؟! أتوقع أنك تعلم كم مساحة غزة وعدد سكانها! أين تتوقع أو تقترح أن يختبئوا مثلا؟ في يافا؟ تستمرون بالحديث عن حماس وعن رجال المقاومة وكأنهم غرباء عن وطنهم أو من بلد آخر! اهل غزة هم أهل لهؤلاء المقاومين، هم أبناء وإخوان من عائلات أهل غزة. حماس ليست مجموعة من أشخاص غرباء، حماس فكرة، عقيدة مقاومة.

التاريخ لم يبدأ في السابع من أكتوبر كما تعلم، القضية بدأت منذ عام 1948 بالنسبة للمقاومة وكل حدث وفعل قامت به المقاومة من أبناء فلسطين على مدار ال 75 سنة الماضية هو ردود أفعال تجاه الاحتلال واغتصابه ليس فقط لأرضهم، بل لحقهم أيضا في امتلاك أدنى أسباب الحياة التي يستحقها الإنسان العادي.

الحرية لها ثمن، هم يعرفون الثمن ومستعدون لتأديته كفلسطينيين ومن الطبيعي كما هو الحال في كل الأمم والشعوب هناك من سيتقاعس أو يعارض أو يخون ...الخ ولكن من غير الطبيعي بل من العار أن نعيب على من يدافع عن أرضه وعرضه. ليس هناك أحد مرغم على أن يساعدهم إن لم يرغب في ذلك، ولكن من المعيب أن ننتقد ردود أفعالهم تجاه حياة ما فيها غير الذل والهوان والقهر من محتل غاشم لم يعرف التاريخ لبغضه مثيل. نحن لم نعش حياتهم فكيف وبأي حق ننتقد أفعالهم.

أعمى من لا يرى أن الحرب الدائرة الآن حربُ وجودٍ لا حربُ حدود. وفي الحروب الوجودية على مدار التاريخ دائماً تنتصر الفكرة لا الأشخاص. اذكر لنا بلدا واحدا على مدار التاريخ تحرر من الاحتلال بدون مقاومة! هل تسكتون عن قتل الأطفال والنساء كي تعاقبوا حماس وتثبتوا وجهة نظركم؟ وكأن هذا وقت تصفية الحسابات! الأطفال الذين يعانون في غزة لا يفهمون بالسياسة، لا يهتمون بالسياسة ولا يحتاجون السياسة. لا يجب أن تكون فلسطيني، أو عربي أو مسلم أو مسيحي لتشعر بهم، تحتاج فقط أن تكون إنسانا مع قليل من ضمير لتدرك ذلك ليس أكثر. فلسفة صماء خاوية ومنطق أعوج سقيم. فلسطين ليست قضية شعب، فلسطين قضية الإنسانية.

وأخيراً تذكروا أن "تحرير الوطن من المستعمر" عملية متواصلة ومستمرة، تحرير (فعل مضارع مستمر)! فالمقاومة انتصرت في هذه المعركة بفضل الله وتوفيقه على كل الأصعدة العسكرية، السياسية, الاقتصادية, الإنسانية والإعلامية. ولقد خطوا، بل وثبوا وثبة عملاقة تجاه التحرير. دم الشهداء لن يذهب عبثاً إن كان هذا ما يقلقكم وإن النصر لقريب.

وإن غداً لناظره قريب


اقرأ ايضا

    ~~~~~~~~

    أشرف قاحوش

    رسالة الى جيش السلام!

    اقرأ ايضاّ