دولة سالبة الكربون: كيف يمكن تحقيق ذلك؟

منة  ادريس
مترجمة من الإنجليزية إلى العربية/ كاتبة محتوى علمي
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
مملكة بوتان أول دولة سالبة الكربون في العالممملكة بوتان أول دولة سالبة الكربون في العالم

إن التحول إلى دولة خالية من الكربون ليس بالمهمة السهلة بأي حال من الأحوال. وتتطلب العملية قدرا كبيرا من الجهد إلى جانب التصميم الراسخ في القيادة. ومع ذلك، يمكن الحصول على سالب الكربون والدليل موجود.

ماهو سالب الكربون؟

بتعريف بسيط فإن سالب الكربون (carbon negative ) أو وإيجابي المناخ (climate positive) يعني إزالة المزيد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مقارنة بما يُنبعث. ففي حين أن مصطلح سالب الكربون موجود في الولايات المتحدة إلا أن المناخ الإيجابي يكتسب شعبية في أوروبا.

لماذا نحتاج إلى حلول سلبية الكربون؟

وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن إزالة الكربون أو عملية استخلاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه ستكون ضرورية لضمان عدم تجاوز درجات الحرارة العالمية من 1.5 إلى 2 درجة مئوية.

وفي حين يمكن أن تتحمل كل شركة مسؤولية الحد من انبعاثاتها، فإن بعض القطاعات مثل الزراعة والطيران لن تكون قادرة على التوقف عن خلق انبعاثات الكربون بالكامل بغض النظر عن عدد تدابير إزالة الكربون التي تتخذها. ومن أجل تحقيق "صافي الصفر" سنحتاج بالتالي إلى إزالة الانبعاثات من البيئة من أجل موازنة أي انبعاثات متبقية لا تستطيع هذه الصناعات تجنب خلقها.


اقرأ ايضا

    ما هو الفرق بين محايد الكربون و صفر الكربون؟ وبين سالب الكربون ؟

    حياد الكربون( Carbon neutral) يعني أن انبعاثات الكربون توازن إجراءات تعويضه في مكان آخر، أو بمعنى أبسط هو عملية تقليل كمية الغازات الدفيئة بقدر إنتاجها.

    في حين أن سالب الكربون ( Carbon negative ) يعني حفظ أو تخزين كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون (CO2) مقارنة بما يُنبعث من بلد أو شركة أو فرد.

    بينما صفر الكربون(zero-carbon) يعني انعدام إنتاج أي من الإنبعاثات الكربونية من منتج أو خدمة. على سبيل المثال المنزل الذي يُشغل بالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح هو خال من الكربون تماما.

    أهم عشر تقنيات لتحقيق الانبعاثات السلبية:

    1- التشجير وإعادة التشجير(Afforestation and reforestation): التشجير يعني زراعة الأشجار في أماكن لم تكن موجودة من قبل، وإعادة التشجير تعني إستعادة المناطق التي قُطِعَت الأشجار فيها أو تدهورت.

    2- الفحم الحيوي( Biochar): هو الإسم الذي يطلق على الفحم الذي يضاف إلى التربة بدلا من حرقه كوقود. ويُنتج عن طريق حرق الكتلة الحيوية مثل الخشب ومخلفات المحاصيل والسماد.

    3- الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه ( BECCS): ببساطة، هي عزل الانبعاثات الناتجة عن حرق الكتلة الحيوية ثم احتجازه وتخزينه في محطات الطاقة تحت الأرض.

    4- الكربون الأزرق(Blue carbon): وهو الكربون المخزن في النظم البيئية الساحلية أو البحرية. حيث تعمل المستنقعات المالحة وأشجار المانجروف والأعشاب البحرية كدفاعات طبيعية ضد تغير المناخ.

    5-البناء بالكتلة الحيوية(Building with biomass): استخدام المواد النباتية في البناء كالخشب والخيزران في العناصر الهيكلية و الجدران وذلك من أجل تخزين الكربون والحفاظ عليه طوال فترة بقاء المبنى قائمًا.

    6- معالجة السحابة أو المحيط بالقلويات(Cloud or ocean treatment with alkali): هي عملية إضافة قلويات إلى السحب لتكوين أمطار قلوية تزيل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

    7- الالتقاط المباشر للهواء(Direct air capture): وهي عملية امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء و دفنه تحت الأرض باستخدام الحرارة.

    8- تخصيب المحيطات(Enhanced ocean productivity): زيادة معدل التمثيل الضوئي الذي يؤدي إلى إزهار العوالق النباتية التي عندما تموت تسقط في قاع المحيط وتحبس الكربون بعيدًا في الرواسب لمئات أو آلاف السنين.

    9- التجوية المعززة( Enhanced weathering):هي العملية التي يتم من خلالها عزل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي من خلال نثر و تحلل معادن السيليكات على سطح الأرض.

    10- عزل الكربون في التربة(Soil carbon sequestration): هو إجراء بعض التغييرات البسيطة على أساليب الزراعة وذلك للحد من اضطراب التربة وإعادة مكانة التربة الزراعية كبالوعات للكربون.

    ما هي التقنية التي تتغلب على الأخريات؟

    كل من هذه الأساليب لها إيجابيات وسلبيات. فبينما تشير التقديرات حاليًا إلى أننا سنحتاج إلى إزالة 10 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي سنويًا بحلول عام 2050 ومضاعفة هذه الكمية بحلول عام 2100. لكن، للأسف فإن العديد منها لا يزال في مراحل التطوير وغير مثبت على نطاق تجاري.

    ما هي الدول التي تنتج معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون؟

    تولد معظم دول العالم كميات من الكربون أكبر مما تستطيع امتصاصه، مما يشكل تهديدا كبيرًا لتغير المناخ العالمي. وفقًا للتقديرات، فإن الدول الخمس الأكثر انبعاثًا في عام 2020 هي الصين (31% من الانبعاثات العالمية)، والولايات المتحدة (14%)، والهند (7%)، وروسيا (5%)، واليابان (3%).

    بالمقابل، هل تمكنت دولة ما من الوصول لسالب الكربون؟

    نعم، فعلى الرغم من صعوبة تحقيق حالة سالب الكربون، في 2021 تمكنت دولة واحدة بمفردها من الوصول إلى هذا الهدف متجاوزة بذلك الحياد الكربوني. انتبهوا، فهذه ليست واحدة من أكبر الدول في العالم، ولكنها مع ذلك تقود الطريق في خفض الانبعاثات إنها : مملكة بوتان. فكيف تمكنت هذه الحكومة الصغيرة من تحقيق هذا الإنجاز المذهل؟

    أولا، عبر تغيير الدستور لضمان عدم انخفاض تغطية الأشجار عن 60%، ونتيجة لذلك، أصبحت المملكة قادرة على تخزين ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تنبعث منها.

    إضافة لذلك، تعمل الحكومة أيضًا على تهيئة ظروف جيدة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق المحمية وذلك عبرحماية الغابة ومنع الصيد وتلوث الغابات. و تساعد في توفير الطاقة الكهرومائية مجانًا من خلال استخدام الأنهار العديدة في البلاد و تزويد المزارعين الريفيين بالكهرباء مجانًا.

    علاوة على ذلك، اختارت حكومة البوتان قياس التقدم ليس بالاعتماد على الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، ولكن من خلال التركيز بدلاً من ذلك على السعادة القومية الاجمالية( Gross National Happiness)، وهو المصطلح الذي صاغه ملك البوتان جيغمي سينغي وانغشوك في العام 1972، و يتضمن معايير أخرى من بينها حماية البيئة كمقياس جديد للرفاهية الفعلية لمواطني البلد بدلاً من الاستهلاك.

    ماذا عن الشركات؟ ما الذي يمكنها أن تفعله اليوم لتصبح إيجابية تجاه المناخ؟

    على الرغم من أنه من المحتمل أن يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتمكن النشاط التجاري من الاستثمار في تقنية التقاط الهواء المباشر أو BECCS، فإن العديد من مشاريع تعويض الكربون (carbon offsetting ) تركز على التشجير وإزالة الغابات، ومن خلال دعم هذه المشاريع يمكن للشركات المساعدة في إزالة الكربون من الغلاف الجوي.

    تعويض الكربون هو رصيد يمكن لأي مؤسسة شراؤه لتغطية الكمية الإجمالية لثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى التي تنتجها أنشطتها بهذف تقليل بصمتها الكربونية(carbon footprint). فكل طن من ثاني أكسيد الكربون تقوم هذه المشاريع بإزالته أو منعه يخلق تعويضًا واحدًا للكربون. فيمكن للشركة شراء أكبر عدد ممكن من أرصدة الكربون هذه لتحقيق أي من أهدافها المناخية التالية:

    - الحياد الكربوني: ستحتاج إلى شراء أرصدة الكربون تعادل البصمة الكربونية للمؤسسة.

    - صافي الصفر: سوف تحتاج إلى شراء أرصدة الكربون إلى الحد الأدنى قدر الإمكان.

    - سالب الكربون: فسوف تحتاج إلى شراء المزيد من تعويضات إزالة الكربون بكمية تفوق ما تحتاج إليه.

    ماذا يمكننا نحن المواطنين فعله؟

    هناك تغييرات مختلفة وبسيطة يمكننا جميعًا إجراؤها في حياتنا اليومية لتقليل كمية الانبعاثات التي نساهم فيها. ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

    - اختيار المنتجات ذات التغليف القليل وخاصة البلاستيك وإعادة استخدام أكياس التسوق الخاصة بنا.

    - تقليل ما نحتاجه وإعادة استخدامه أكبر عدد ممكن من المرات أو إعادة تدويره.

    - برمجة أي أجهزة طاقة لدينا بحيث تكون قيد الاستخدام أثناء تواجدنا في المنزل فقط.

    - التأكد من فصل الأجهزة مثل الهواتف المحمولة وإيقاف تشغيل التلفزيون بدلاً من تركه في وضع الاستعداد.

    - اقتناء المصابيح الموفرة للطاقة مثل مصابيح LED وإطفاءها عندما لا نحتاج إليها.

    - المشي أو ركوب الدراجة أو استخدام وسائل النقل العام بدلاً من استخدام السيارة.

    - تجنب الطيران إن أمكن لأنه أحد أسرع مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نموًا في العالم.

    ختاما، تحقيق مستقبل سالب للكربون يتطلب المزيد من الإجراءات والموارد والتصميم في البلدان الأكبر. ولكن على الأقل تبين أن التحول إلى دولة خالية من الكربون أمر ممكن.

    المراجع:

    carbonbrief

    forbes

    inspiredenergy

    منة  ادريس

    منة ادريس

    مترجمة من الإنجليزية إلى العربية/ كاتبة محتوى علمي

    اعتمادا على المصادر العلمية الموثوقة أكتب في مختلف المجالات و ذلك من أجل جعل العلم يصل إلى بيتنا العربي بطريقة بسيطة جدا يفهما عامة الناس.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ