عزمتُ أنني سأتخلّى وأبتعد، وأنني بكلّ بساطةٍ أستطيع الابتعاد عنكِ بهدوء، ولكن صُدمتُ بالحقائق المُهلكة! فكان كلُّ شيءٍ هادئٍ إلا قلبي، كان يعجُّ بذكركِ، يضجُّ بصوركِ وكلماتكِ، كانت ذكرياتكِ تصدحُ في أذناي أن لا مجالَ للنسيان، وكنتُ في كل مرة أحاول كبتها أجدها تخرجُ على هيئة غصةٍ تخنقني، أختنقُ بكِ أنتِ ولا علاقة للهواء هذه المرة!
ذكراكِ تحبسُ أنفاسي، تمنعني من الحياة! تجعل كل مصادر العيش منعدمة، وكأنّها حُرِّمت علي دونكِ، كيف يمكن أن يكون التخلي عنكِ انتصارًا لي وأنا التي أموتُ وحدي وانتِ متمتعة بالزهوِ والرَّفاهية، وكأنني لا كنتُ ولا كُنا! أيُّ انتصارٍ هذا؟ محاولة تناسيِّ كانت هزيمة بحدِّ ذاتها وأنتِ كنت الحرب الأعظم، وأنا الخصم!
لم تحاولي من أجلي!
وهذا جرحٌ آخر لا أعرف كيف سأتخطاه، وأضيفهُ أيضًا لخيباتي التي أخبرتك عنها واحدةً تلو الأخرى فكانت خاصتكِ فاجعةٌ كبرى، لم أرَ قط سعيكِ وراء جعلي أكثر راحة، بل كنتِ تدمريني بأفعالك، تقطعي فيَّ حبائل الأمل، تجعليني ألعن نفسي وعالمي حين فكرتُ مرةً فتح زمام الشغف نحوكِ، والسَّماحِ لقلبي بالاندفاع وكأنكِ كنتِ آخر شخص بالدنيا، والآن بكامل الأسف لم يبقَ أحد! في كلِّ مرةٍ أسألكِ فيها (لماذا تُعامليني هكذا؟) كنتُ أنتظر سردك للأعذار، كنت احتاج فقط كلمة لأردَّ عنكِ نفورَ قلبي، ولكن بكل هذا السوء لا ترين أنكِ مُخطئة! بل وتُحمليني جميلةً على كل مرةٍ جئتُ بحتُ بخبثي وكنتِ مزهريةٌ مستمعة لا أكثر، وصدقيني لو كنتِ مدركة بخطئكِ لكان أهون، فالاعتراف بالذنب فضيلة! ولكنك أنت تفعلين بقلبي ما تفعلين ثم تريدين شكرًا.
يؤسفني حقًا أنني الآن بكامل ما أحمل بداخلي من ضعف وحاجة إليك أجدني أقاوم لأنساكِ أنتِ أيضًا، كانت كل همومي في كفة فجئتِ أنتِ حطمتي الميزان كلّه وصارت خيبتي منك الكفتين! كل ما يهمني الآن هو تجاوزكِ وبعدها لي أيامي.
وعد موسى
كاتبة ومدققة مقالات وخواطرإلى الآن أرسل خطابات إلى الفراغ على أمل أن يعثر علي أحد ما ويتعرف علي من قصائدي، فأضع كومة منها بين يديه قائلة: هناك فتاة ما زالت تكتبك، لا تعرف كيف لا تفعل!
تصفح صفحة الكاتب