حلم تحت ألحان الواقع
قم بتسجيل الدخول للقيام بالتعليق
تسجيل الدخولقصتي هي ليست مثل أي قصة بدائية ! ... تبدأ بحدث بسيط ثم تتفرع بخباياها ومن ثم تتعقد وتنكشف اسرارها العميقة وتنتهي ! ... قصتي مختلفة كلياً عن أي فكرة ممكن تدور في بالك عزيزي القارئ،غريبة .. لا يمكنك امساك احداثها الا من المنتصف..
بداية القصة
بدأت بـ ليلة هادئة .. معتمة .. وباردة كثيراً ... أتذكر تفاصيلها وكأنها تحدث معي الآن .. تغطيت بفراشي وحاولت أن اغلق كل الفراغات التي يمكن أن يدخل منها الهواء وتسبب البرد لجسمي النحيف الهزيل ! ...كان صوت الرعد مرعباً والعواصف تضرب الأُذن وعقلي كل ما يريده ان ينام براحة ... تقلبت يميناً ويساراً على أمل ان يأخذني النوم وتأخذني الاحلام لـ مكان بعيد ... مكان وردي بعيد عن الواقع .. مكان فيه كل شيء اريده واحلم به ! ... ومن بعد جهد كبير لمحاولات نومي الفاشلة .. أختفت من عيني الرؤية مباشرة وفقدت تواصلي مع العالم الواقعي ! .. نمت بـ هدوء .. عقلي مازال متصلاً بالواقع لكنَّ جسدي لا ! ... شعوري غريب .. شعور شخص نائم بنصف عين .. لم أكن غارقاً في نومي كثيراً .. النصف الأول من عقلي واعي والنصف الآخر نائم و تأخذه الاحلام ! ... ولكن الأغرب من ذلك كله بعدما فقدت القدرة على التنفس بشكل طبيعي وكأنَّ مجرى التنفس لدي سدَّ بشكل مفاجئ .. كنت بحاجة لـ شق بسيط اقدر من خلاله التقطات انفاسي .. الهواء متشبع بداخلي لكني لست قادراً على اخراجه ! ... احاول ان آخذ شهيق و زفير لكن الزفير رافض تماماً أنْ يخرجَ من جسدي ! ... كنت اشعر أنها النهاية المحتومة .. النهاية التي اراها في كل مسلسل أو فلم أشاهده كل ليلة جمعة ...
أحسست بثقل غريب فوق صدري .. شخص يجلس فوقي ويده حول رقبتي يشد عليها بقوة .. كنت اقاومه واحاول ان ابعد يده عني لكنه كان متشبث بي وبقوة ! ... صرت اتحرك بشكل عشوائي لكي اتنفس .. لكني عجزت تماما ... و بعد ثواني معدودة عادت الامور لمجراها الطبيعي وأصبحت حراً من أيدي ذلك الكيان الذي كان يمسك عنقي .. احسست بأنه إنكتب لي عمر جديد بأمر من الله ! ... رفعت جسمي بقوة وأنا اتنفس بصعوبة والعرق ينزل من جبيني و كأني كنت تحت سماءٍ تغرقُ ارضها بمطر ! ... نظرت الى جهاز التبريد وكان يعمل على 17 درجة مئوية .. الغرفة كانت باردة لكن جسدي كان ساخناً وكأن الشمس داخل غرفتي .. أحسست بصداع طفيف وقلبي يملؤه الرعب والخوف ! ...
بداية الرعب
ابعدت الغطاء عن جسدي و من ثم مشيت بخطوات هادئة خارج الغرفة .. احسست و كأني اريد ان اشرب كل مياه الارض الباردة بعد ما جف حلقي من ذلك الشعور المخيف الذي كاد يقتلني...خرجت من الغرفة بإتجاه المطبخ .. لكنَّ حركتي تباطأت عندما بدأت اسمع صوت خطوات شخص يمشي بهدوء ويتنقل ما بين الغرف بدون ان يستخدم الأبواب للخروج أو الدخول ! ...أسمع الأصوات متفاوتة من غرفة لاخرى وانا لست قادراً على ان أميز غرفة محددة لأجل ان ادخلها وأنظر من صاحب مصدر هذا الصوت ... كنت اراقب الاصوات بإنصات و انا انظر الى الغرف المعتمة رغم أني لست قادراً على رؤية أي شيء بسبب الظلام الدامس الذي كان يسيطر على المنزل مثل ما تعود أبي يطفأها لأجل تكلفة فاتورة الكهرباء باهظة الثمن نهاية كل شهر ! ... ركزت بنظري على غرفة معينة أمامي جذبني الصوت لها بعدها أختفى تماما . ادرت رأسي بـرعب بعد ما ذعرت من صوت أختي " كيان " وهي خلفي واقفة وتشير على الغرفة المقابلة لنا وتقول : أنت مثلي اليس كذلك ؟ تسمع الأصوات التي اسمعها .. الطيف الأبيض يأتي حولك ثم يختفي ؟ التفتت لها بريبة من كلامها و قلت لها : لا .. انا بخير ! ... اقتربت مني ثم ضمت يدي مع يدها و أحسست برعشتها وخوفها لحظة ما قالت: لكنْ أنا لست على ما يرام .. انا خائفة ! ...انخفضت لمستواها وعانقتها وانا امسح على شعرها وأحاول إبعاد شعور الخوف عنها وأطمئن قلبها الصغير : لا تخافي .. هي أصوات أنت تتخيلينها فقط .. وبعد ذلك أنا وأمي هنا معك .. وغرفتي بجانب غرفتك .. لا تخافي ! ...تجمدت في مكاني وثبتُّ أختي في حضني لحظة ما لفتني صوت كسر زجاج جاء من جهة الصالة ! ... تجمدت في مكاني مثل ما تجمد الدم في عروقي .. تقدمت ومع كل خطوة يزيد فيها سرعة نبضات قلبي الى ان وقفت مقابل باب الصالة واختي خلفي مباشرة تمسك بقميصي خوفاً ...فتحت انارة الصالة وتفاجئت بـ المزهرية المكسورة بمنتصف الصالة رغم أن مكانها بإحدى الطاولات الموجودة بـ زوايا الصالة !
وبمجرد ان رفعت راسي تحديدًا لمكان المزهرية تفاجئت بـ فتاة صغيرة واقفة أمامي وشكلها مريب ! ...نصف جسمها الاسفل حيواني والنصف الأخر آدمي .. فتحت عيوني بصدمة و تراجعت بخطواتي للوراء وانا أتأمل بملامحها بتصلب... وجهها يغطيه شعرها الكثيف والمجعد .. جلدها ليس طبيعياً .. حرشفي رغم أن شكلها يوحي بإنها نصف إنسانه ! ... كانت تلبس فستاناً رمادياً قصيراً وضيق و مقطوع من كل ناحية وهذا ما أذكره بالضبط ! ...
وقفت انظر اليها لثواني رغم بشاعة منظرها والصدمة كانت بعد ما خرجت منها صرخة قوية هزت كل خلية حية موجودة بجسمي ... كان صوتها مزعج .. حاد جدا مثل صوت إحتكاك قلم الطبشور في السبورة الخشبية ! ... وفي هذه اللحظة لم اقدر على الثبات في مكاني وهربت وراء أختي بعد ما تركت ثيابي و هربت بسرعة لغرفة امي ...
دخلنا متدافعين لسرير امي وكل واحد منا محتاج لحضنها الدافئ لأجل ان يستقر فيه وترد لــ ارواحنا الطمأنينة والراحة ! ... وبعد ما جمعت انفاسي وعيوني موجهه لأمي والتي بدورها كانت تواسي اختي كيان من بكائها المفاجئ وعلامات الحيرة واضحة على وجهها ...!قالت بصوت مهتز جذبت فيه أنتباهها لي : هناك فتاة غريبة في الصالة لا اعلم من اين ظهرت .. شكلها مخيف .. مخيف كثيراً !!!!
ولحظتها وقفت امي باستنكار وسحبت هاتفها معها بدون ان تأخذ مني أي تفاصيل ثانية ! ... طلعت من الغرفة و لحقناها وسط احساسنا بالأمان لوجودها معنا ! ...وبنفس السيناريو الاول وكأن الزمن قرر يرجع فينا لنقطة البداية رحنا بخطوات هادئة وبطيئة لناحية الصالة كانت أمي في المقدمة بعدين أنا واختي من وراي و لسا متشبثه بتيابي ومانعتني اتحرك بأريحية والي اختلف هالمرة انها كانت تبكي ومو راضية توقف بكائها ! ... كانت عم تبعثر أفكاري وتخليني أفقد تركيزي وتزيد الصداع الي براسي خاصة من بعد صراخ هديك البنت واللي بسببها صرت أتحسس من أي صوت عالي وأحس بألام غريبة بداخل أذني ! ... لحقت امي ووقفت وراها مباشرة وصرت اراقبها وهي تحرك رأسها بحيرة وتدور على هالبنت
والي ماصار لها وجود على الأطلاق ! ... وكأنها برق ظهر لحظة وتلاشى للأبد .. وقبل ما ترجع أمي لغرفتها اطلعت بعصبية و قالت : فيقتني من عز نومتي مشان تعمل وحدة من مقالبك السخيفة فيني وفي أختك ! .. أنت ما بدك تبطل حركاتك ؟
وبوقت ماكانت أمي مستمرة بالحكي و عم تتهمني اني عامل مقلي لمحت هالبنت وراها مباشرة تتطلع فيني .. وجهها بإتجاهي لكن جسمها بالجهة المعاكسة لها ! ...وبدون ما أحس على نفسي أشرت عليها بفزع وصرخت بأعلى صوتي وفجأة ! .. صرخت هالبنت نفس الصرخة وصار صداها يتوزع بالبيت كلو وبشكل اقوى من الصرخة الأولى !! ... ومن قوة الصوت حسيت بسكين أنغرس بداخل أذني و وقعت على الأرض وأختي بجنبي أغمى عليها من الصوت ! ...لكن هالمرة تيقنت ان امي شافت كل شيء مثلنا واللي حصل عكس ما كنت أتصور ! .. كانت امي ثابتة بمكانها وتتطلع عليها بتعجب !
" حلم تحت الحان الواقع | A DREAM UNDER THE TUNE OF REALITY "- الجزء الثاني و الاخير ..
ومن بعد ما استوعبت أمي بأن أختي وقعت مغشي عليها توجهت بهلع وشالتها بين أحضانها وهي تذكر اسم الرحمن وتقرأ عليها بخوف ! ...لكنها شكت بالوضع لحظة ماشافتني بـ هي الحالة المريبة .. قلبي ملغم بالخوف وملامحي شاحبة من أثر الرعب الي قاعد أشهده ! ... وقبل تحاول تفيق أختي كيان من غيبوبتها .. طلعت صوت آخر مغاير تماما عن الصرختين الماضية ! ... ولكن هالمرة حتى أمي سمعت الصوت ! ...والي كان واضح بإن مصدره الحديقة الخلفية للبيت ! ...تحركت بسرعة وتبعتني امي وهي شايلة اختي باحضانها وتقول : لازم نطلع من البيت قبل ما تجن أختك ! ...وقفت قدام الباب المطل على الحديقة الخلفية ! ... وبمجرد ما فتحته حسيت ببرودة الجو القارص وبأطرافي الي إنشلت وتجمدت بعد ما لفحها الهواء البارد واستقر بداخلها ! ...أما بالنسبة لأمي بعد ما تركت أختي كيان فوق وحدة من كنبات البيت مشان ترتاح .. تقدمت وسحبتني بكل هدوء وهي تقول : إلياس .. سكر الباب وخليني أتصل في أب ....وقبل تكمل كلامها لاحظت نظراتي الصامتة وانا متصنم بمكاني وعيوني مو قادر أزيحها عن الشيء الي قاعد اشوفه ! .. رفعت أصبعي بتردد وأشرت على وحدة قاعدة بنص تراب الحديقة وتدفن أشياء غريبة بداخل حفرة صغيرة ! ...رفعت أمي أنظارها لمكان ما كنت أأشر وهي تقول بصدمة : هي مو كأنها " ياسا " خدامة جارتنا ؟كانت لابسة شيء غريب .. أشبه برداء أسود يغطي جسمها وشعرها بالكامل ! ... كانت بوضعية مريبة جدا ... تميل راسها مع جسمها وهي تدفن عقد غريبة وتتمتم بكلام عجزنا نسمعه بشكل منيح! ... لكن فجأة ! ...التفتت علينا بملامحها المتجمدة من شدة البرد وهي مستمرة في التمتمة بعدها نهضت من مكانها بلمح البصر ورفعت بإتجاهنا عود خشبي محاوطته عقد كثيرة متراصة أشبه بـ عقدة سحر مثل الي نشوفها بأفلام السحر والشعوذة ! ...أكملت تردد طلاسمها وتكررها لعدة مرات ولكن هالمرة بصوت أعلى وأوضح ... توجهت أمي بخوف لناحية أختي وضمتها وهي تقرأ القرآن بخوف مشان تبعد عنها أي خطر ! ... كانت كيان أختي صاحبة العشرة سنوات أصغر والطف من انها تشوف هالمنظر المخيف أمام عيونها ! ....وماكان أمامي حل غير إني اقرأ معها المعوذات وكل سورة من القرآن حافظها بصوت عالي متجاهل لصوت " ياسا " والي بدأ يرتفع أكثر وأكثر ويصير أعلى من صوتي ! ... لكن وفجأة حسيت بقوة هائلة خفية عرقلتني عن الحركة وسحبتني من شعر رأسي للخلف برغم محاولاتي الفاشلة بأني أمنع هالشيء يصير ... لساني صار ثقيل وفقدت قدرتي على الكلام نهائيا ! حتى عقلي بدأ يتشوش لحتى ما أقدر أقرا القرآن بداخلي ! ... لكن جدار البيت هو الوحيد الي حس فيني وقرر يساعدني ويوقفهم عن سحبي بعد ما صدمت فيه بقوة شديدة وارتطم جسمي على الارض بعدها اغمى علي ...فتحت عيوني و قمت بسرعة وصرت التفت حولي ! ... كان الظلام يحاوط المكان وأصوات الرعد مازالت تتردد في مسامعي ! ... التفت لـ ناحية المطر الغزير وهو يطرق نافذتي وكأنه ينبهني من شيء مريب قاعد يصير ! ... تحسست بايدي السرير لحتى مالقيت جوالي بعدها سحبته و شفت الوقت واللي كان نص الليل ...تحسست رأسي لحتى اتاكد من مكان الضربة الي تلقيتها بالحلم والي لهلا أحس بألمها وألم الصداع اللي براسي ! ... لكني تجاهلت كل شيء حولي وقررت بإني أهدي حالي وما أفكر أكثر عشان ما أنجن بسبب هالكابوس الي حول ليلتي لكابوس ..! وبهي الحظة حسيت بعطش غريب .. حلقي ناشف وماني قادر أبلع ريقي من شدة الجفاف ! ... وبخطوات متفاوتة مشيت لباب غرفتي وبطريقي للمطبخ مريت على غرفة أختي كيان بعدها لغرفة أمي مشان اتطمن و شفتهم بأنهم غارقين بسابع نومة ! ...توجهت للصالة و شغلت أنوارها والمكان كان بوضعه الطبيعي .. ما أخبي عليكم خوفي لأني مريت بنفس هالأحداث بالضبط لكني أيقنت بإن كل شيء كان كابوس ومجرد خلم مخيف بعد ما تأكدت بإن الوضع صار طبيعي بالكامل ! ... ومن بعد ما بليت ريقي وارتويت كملت امشي لنافذة المطبخ والي تطل على الحديقة الخلفية للبيت مشان أتفقد أحوال الطقس الرعدية .. وبلحظتها إختل توازني بسبب اللي شفته أمامي .. إهتزت أطرافي و وقعت كأس ألمي من ايدي بدون أي شعور لـ مجرد ما شفتها قدامي .. اي هي " ياسا " العاملة المنزلية نفسها !! واللي كانت موجودة بنفس وضعيتها في الكابوس .. نفس الجلسة .. نفس الرداء الأسودو بنفس الحركات الغريبة والطلاسم المريبة اللي ترددها ! ... بالاضافة للحفرة الي حفرتها بأيدها المتلوثة ونفس العصا المترضعة بالعقد !! .وفجأة ! ...التفتت علي ورمقتني بنظرات أقل ما يقال عنها مرعبة لكن السؤال كيف عرفت بـ مكاني علما بأني كنت واقف وراء النافذة وأراقبها بصمت وتخفي ؟ وقفت بإتجاهي وتحولت عيونها للون الأبيض بالكامل ! .. وبلحظتها أطلقت ضحكتها الخبيثة واللي أصبح صداها يتردد بأذني لحتى ما أسكن بقلبي الأرتياع !!! ...وهون بدأت مشاعر الخوف والأفكار تتضارب بـ عقلي .. شو جاب ياسا لـ هون رغم انها مسافرةمن سنوات طويلة ؟ وليش اجت لـ بيتنا تحديدا ؟او السؤال الحقيقي اللي لازم يطرح نفسه .هل انا مازلت بداخل الحلم ؟ ولا اللي قاعد أشوفه واقع ؟ولا ممكن أكون عايش تفاصيل الحلم لكن تحت الحان الواقع ! ...إلياس ترك قصته بدون ما ينهيها و بدون ما نعرف، هل الي صار مجرد كابوس ولا واقع ..؟