حب التمني

نشرت:
وقت القراءة: دقائق

طبع الإنسان على حب التمني ، لذا الكل يتمنى عودة جزء من ماضيه و بتر كل أجزائه المظلمة جميعنا نفر من ماض قديم ، جميعنا نود تغيير شيء ما به جميعنا نشتهي نسيان كثير منه و الغريب أننا أيضا جميعا نرغب بإيجاد وسيلة تخولنا للسفر عبر الزمن لعلنا نغير شيئا مما مضى أو نبصر المستقبل قبل أن نعيشه فقد خلق الإنسان عجولا، يتطلع بشوق للمستقبل و يعجل حتى عن عيش لحظته ثم يتمنى العودة لعله يعيش تفاصيلها بطريقة أدق..مساء الماضي..تذكرتك اليوم و أنا أسير في ممرات الكلية فررت من اجتماعيتي قليلا، انزويت بنفسي لكن طيفك أبى أن يتركني وحيدة زارني صباحا و ارغمني على استقباله و إن لم أود ذلك ، و دعوته أنا هذا المساء لأجل كتابتك لأن الكتابة حديث فأنا استدعي الحرف كلما اعترتني الرغبة بمحداثتك استدعي طيفك كلما هممت بكتابتك أخبرتك ذات مرة ممازحة عن رغبتي باستعارة هدوئك و نضجك للحظات لعلي أريح العالم من ثرثرتي قليلا و أخبرتني أنك تود أن تكون مثلي و لو لحظة و أن تحمل كل أشيائك على محمل السخرية ..كلانا عاش ألمه بطريقته، كلانا يعرف كيف ينزوي بألمه، تداري أنت آلامك عن الآخرين بالصمت و أداريها أنا بالسخرية ألم أخبرك قبلا أن أكثر خيباتنا وجعا تلك التي نتخذها محلا للسخرية..اليوم ما عدت كما كنت اليوم أنا أخبئ لحظاتي الجميلة بعيدا عن أعين العالمين مخافة أن تسرقها الأحزان..اليوم بت أعرف كيف أحافظ على قلبي و كيف أحتال على المشاعر السوداوية في كل مرة أصطدم بها أجدني ألوذ بالفرار بحثا عن ضحكة احتمي بظهرهاكل أولئك الذين تجاوزوا أحزانا كبيرة باتوا أكثر قوة و نضجا..باتوا يعرفون جيدا ماذا يعني الاقتراب من بحر الوجع لذا فلا أحد منهم يسعى للإبحار فيه ، يهرعون بعيدا كلما هب نسيم من ذاك البحر ، يدركون أن استعذاب ذاك النسيم لن يطول ، و أن كل أولئك الذين تهوروا و أبحروا به التهمتهم أسماك الكآبةربما تخبرني أن لا أحد يستعذب نسيم الوجع، سأخبرك أن أغلب أخطائنا بدأت بنسيم لطيف خيل إلينا و نحن نستنشقه أن السعادة تكمن في السباحة بذاك البحر .. وحده الألم العظيم يجعلك تدرك تفاهة هذا العالمتحتضن الآلام الكبيرة المرء بقوة لذا يحتاج المرء قوة أكبر لانتزاع نفسه ، كل أولئك الذين استطاعوا مفارقة الألم رمتهم الأقدار بأحضان الرضا ، لذا تذكر جيدا أنك لن تعانق الرضا ما دمت راضيا بحضن الألم..

في الخريف الماضي كسرت شوكة برجل أحد صغار العائلة، رفض الذهاب إلى الطبيب بحجة أنها ما عادت تؤلمه ، كان مذعورا من ألم انتزاعها لذا فضل أن تبقى عالقة و إن كانت سترهقه فيما بعد

قد تستغرب السبب الذي دعاني لأروي القصة

دعني أخبرك

تكمن مأساة المرء في الاعتياد نحن نعتاد كل شيء حتى الألم

نفضل عيش العمر مع ألم اعتدناه على عيش لحظة مع ألم طارئ

لذا نرضى أن تظل شوكة الوجع عالقة بقلوبنا مخافة ألم انتزاعها


اقرأ ايضا

    نفضل التمسك بالأشخاص مخافة أن يكون التخلي أكثر وجعا من التمسك ..

    حسنا لن أطيل الحديث، أدرك أنك تميل للصمت و أخشى أن يغتاظ طيفك من ثرثرتي

    سأعدك أن تكون هذه رسالتي الأخيرة

    وعدتك برسائل سابقة أيضا

    و لم أرسلها لك مخافة أن أفي بالوعد و تكون حقا هي الأخيرة

    حب التمني
    العالية  عبد ربُ

    العالية عبد ربُ

    كاتب حر

    أنا المرأة التي أدركت أن المرء لا يكسر إلا حين يثق و يبالي و يحب، ثم عانقت اللامبالاة و كفرت بالحب، و قطعت على نفسها عهدا بأن لا تثق أنا بقايا وجع قديم يحتاج المرء ارتداء عدسة الحرف ليراه أنا ابتسامة عابثة، دمعة اعتادت أن تمسح بمنديل اللغة... أنا المرأة التي شهدت قبح العالم، لكنها أبت إلا أن تبحث عن مكان جميل به

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ