تلميذ اليوم: مستقبل واعد أم تحديات مستمرة

KELTOUM AGOURRAME
كاتبة
تاريخ النشر :
وقت القراءة: دقائق

في كل مستوى دراسي، يواجه التلاميذ والتلميذات العديد من الصعوبات، و الحديث عن المدرسة يكتسي أهمية خاصة، لأنها تمثل النواة التي تحتضن الطفل الذي سيصبح عاملًا وموظفًا ورائد أعمال في المستقبل. العمل على معالجة هذه الصعوبات في مرحلة الطفولة المبكرة يعد أمرًا ضروريًا وممكنًا. ومن خلال تجربتي في مختلف المستويات الدراسية، وجدت أن العمل في المستوى الابتدائي يتيح فرصًا أفضل للعمل وتأثير أفضل لمهامنا كمختصين اجتماعيين. في المقابل، يمكن أن يكون العمل مع المراهقين في المستوى الإعدادي أكثر تحديًا، نظرًا لكونهم في مرحلة يشعرون فيها بأنهم مسيطرون على الأمور ويعرفون طريقة التصرف في مختلف المواقف.

 تلميذ اليوم: مستقبل واعد أم تحديات مستمرة

يهدف هذا المقال إلى تشخيص وعرض أهم التحديات والصعوبات التي يواجهها التلاميذ داخل الفصل الدراسي وفي الحياة المدرسية بشكل عام. ،وهذه التحديات لا تنحصر أسبابها في البيئة المدرسية فقط، بل تتعداها إلى أبعاد مختلفة تتجاوز أسوار المدرسة.

ومن خلال عملي يتم إحالة التلاميذ والتلميذات إلى مكتبي من أجل التدخل، وكشف الأسباب وراء التحديات التي تواجههم، وسأعرض هنا أهم الصعوبات التي يعيشها التلاميذ والتي غالبا تكون سببا لفشلهم الدراسي، وعدم اندماجهم في الحياة المدرسية.

ومن الصعوبات التي يتم ملاحظتها ويتم إحالتها لي لمكتبي ما يلي:

1-صعوبة في النطق

2-صعوبة تذكر الحروف

3-عدم تذكر ما تم تلقينه من دروس

4-عدم إنجاز الواجبات المدرسية

5-كثرة الغياب

6-صعوبة في التركيز

7-غياب التواصل مع الزملاء

8-كثرة الحركة داخل القسم

9-حالة العنف والضرب مع الزملاء

10-عدم الرغبة في الدراسة

11-كثرة اللعب داخل الفصل

12-عدم الانتباه وكثرة الشرود

13-غياب المشاركة داخل الفصل الدراسي

14-مشاكل صحية

15-السلوك العدواني العنيف

16-غياب التعبير عن الرأي

17-سلوكات غير طبيعية

18-الشغب داخل الفصل

كيف يمكن تفسير التحديات التي يواجهها التلاميذ بشكل موضوعي علمي؟

سنعرض هما أهم الاقتراحات العلمية التي تفسر سبب هذه التحديات المدرسية التي يواجهها التلاميذ والتلميذات كخطوة عملية لتسليط الضوء على أن كل تحدي له أبعاد مختلفة تفسره:

العوامل النفسية

1. اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD): قد يكون سببًا في صعوبة التركيز، فرط الحركة، والشغب.

2. القلق والاكتئاب: قد يؤديان إلى صعوبة في التركيز، فقدان الرغبة في الدراسة، والعزلة.

3. صعوبات التعلم: قد تؤدي إلى صعوبة في فهم المواد الدراسية، وفقدان الرغبة في الدراسة.

العوامل الاجتماعية

1. البيئة الأسرية: قد تؤثر على أداء الطالب في المدرسة، مثل عدم الاستقرار الأسري أو المشاكل العائلية.

2. العلاقات مع الزملاء: قد تؤثر على أداء الطالب في المدرسة، مثل التنمر أو العزلة.

3. البيئة المدرسية: قد تؤثر على أداء الطالب في المدرسة، مثل عدم وجود دعم من المعلمين أو عدم وجود موارد كافية.

العوامل الفسيولوجية

1. اضطرابات النوم: قد تؤدي إلى صعوبة في التركيز، وفقدان الرغبة في الدراسة.

2. التغذية غير الصحية: قد تؤدي إلى صعوبة في التركيز، وفقدان الشهية مما يعكر المزاج وبالتالي عدم الاستمتاع بعملية التعلم.

3. الأمراض المزمنة: تؤدي إلى صعوبة في التركيز واللامبالاة والدخول في حالة السهو والتفكير في نتائج المرض وتأثيره في الحياة اليومية ومستقبلا، وبالتالي انعدام الدافعية للدراسة والنجاح.

العوامل التعليمية

1. طرق التدريس غير الفعالة: قد تؤدي إلى صعوبة في فهم المواد الدراسية، والشعور بالملل من عملية التعلم.

2. عدم وجود دعم من المعلمين: الشيء الذي يؤدي إلى عدم تفهم التلميذ والحكم عليه بسهولة.

3-غياب الأنشطة الموازية: مما يدفع التلميذ الى العيش في روتين يجعل تجديد طاقته وتغييرها أمرا صعبا.

العوامل التكنولوجية

1-الإدمان على الأجهزة الإلكترونية: فالكثير من الحالات تفتقر إلى حالة التركيز في اللحظة وفي الواقع. مما يجعل عملية التعلم أمرا بالغ الصعوبة لأنه لا يساهم في إفراز نفس الهرمونات التي يتم إفرازها خلال اللعب بلعب إلكترونية.

2-الإدمان في مشاهدة التلفاز: فالكثير من الأسر تجعل التلفاز هي الحل لإسكات الطفل والهروب من إزعاجه وبكائه الصاخب.

3-توفر التلاميذ على الهواتف: فالكثير من التلاميذ يتوفر اليوم على الهاتف ، وبالتالي التعامل مع هذا العالم الواسع من فيديوهات بمختلف المواضيع، والتواصل مع أشخاص غرباء يعد أمرا أكثر خطورة على التلاميذ وعلى نموهم الطبيعي لأجسادهم وعقولهم.

 تلميذ اليوم: مستقبل واعد أم تحديات مستمرة

تختلف التحديات التي يواجهها التلاميذ من فرد لآخر، وذلك بسبب تباين العوامل المؤثرة فيها. ومع ذلك، فإن هذه التحديات غالبًا ما تكون قابلة للتشخيص والملاحظة. في المقابل، هناك تحديات أخرى أكثر تعقيدًا وذات أبعاد نفسية عميقة، مما يجعل من الصعب تحديدها وملاحظتها.

والأمر الجيد الثاني هو أن التلاميذ في هذه المرحلة يمتلكون استعدادًا كبيرًا للتفاعل والنمو، مثل التربة الخصبة التي تنبت ثمارًا طيبة إذا ما وضعت فيها البذور المناسبة.

في الجلسات، نجد أن التلاميذ يفتحون قلوبهم ويشتركون بصدق في ما يعيشونه، بعدما تتحقق الألفة والثقة بيننا. وهذا يختلف تمامًا عن تجربتي مع المستويات التأهيلية والإعدادية، حيث تكون المخاوف أكبر عند التلاميذ كلما كبروا ووصلوا إلى مرحلة المراهقة. في هذه المرحلة، تطرأ العديد من التغييرات التي تجعل من الصعب الحصول على المعلومات بشكل مطلق، مقارنة بالمستويات الابتدائية حيث يكون الأطفال أكثر استعدادًا للتعلم والاستفادة من المساعدة.

هذا لا يعني أن مساعدة المراهقين أمرا مستحيلا، بل هو ممكن التحقق نسبيًا. لقد شهدت العديد من التلاميذ يتغيرون للأفضل دون أن يدركوا فترة التغيير أو الأسباب التي دفعت بهم إلى أن يصبحوا نسخة جديدة من أنفسهم.

أتذكر هنا تلميذة كانت تعاني من مشاكل عائلية وإرهاق نفسي كبير، مما أثر على طاقتها وتحقيق أهدافها الدراسية والحياتية. كانت تسير ببطء وكأنها بلغت الستين من العمر، دون دافع للاجتهاد أو الكفاح لتحقيق أهدافها. لكن بعد جلستين فقط، بدأت تعيد النظر في نفسها وتبدأ من جديد. ومع مرور الأيام، تحولت إلى شخصية نشطة ومؤثرة في المؤسسة، حيث أصبحت منشطة للعديد من الأنشطة وأوكل إليها الحارس العام مهمة تدبير أمور تلميذات القسم الداخلي ومراقبتهن. هذا الدور الجديد أضاف قيمة كبيرة إلى شخصيتها وجعلها أكثر اهتمامًا وتميزًا بين زميلاتها. كما شاركت في العديد من المسابقات في "فن الخطابة"، وأعاد لها الإبداع ثقتها بنفسها واكتشاف قدراتها الكامنة.

أرى كل هذه التغييرات الإيجابية فيها، لكن دون أن تعرف هي سبب ذلك و متى بدأت هذه التغييرات بالضبط.لكن قصتها لم تنته بعد ، فهي تحتاج إلى جلسة أخرى لاستعادة التوازن النفسي. لأنها وصلت إلى مرحلة قد يسيطر الإيغو على قراراتها وتبحث عن الكمال، وهنا تبدأ معاناة جديدة. ولابد لها من جلسة أخرى تعيد لها التوازن بعدما مال كف الميزان لجهة واحدة…

وفي الختام، نرى اليوم التحديات التي يواجهها التلاميذ والتلميذات في المدراس، من إرهاق نفسي ، وتعب جسدي ، وضعف للدافعية ، وتشتت التركيز، وهذا أمر محتمل في عصر أصبح أكثر حركة وتغييرا في كل لحظة.

والغاية من كل بناء هو بناء الإنسان ، وأهم سلاح ينجيه من الضياع هو امتلاكه لمهارات حياتية وبناء شخصيته على أسس قوية ومساعدته على اكتشاف قوته الذاتية، وقضائه الوقت في عادات قوية إيجابية تعيد له القدرة على السيطرة على نفسه وحياته.

KELTOUM AGOURRAME

KELTOUM AGOURRAME

كاتبة

كلثوم اكرام أعمل كمختصة اجتماعية في مؤسسة تعليمية،وابلغ من العمر 27 سنة،ولدي ميل للكتابة اكتشفته منذ فترة ولابد أن يحمل هذا الميل الهام لمساعدة الناس للتغيير للأفضل. ان وجودنا تعبير عن روح تعرف ما فيها وما عليها،ومتى اكتشف الانسان سبب وجوده وهدفه في الحياة سمح له ذلك بعيش الحياة بأسلوب أكثر جودة وباحساس هائل.

اقرأ ايضاّ