بين كونك إنسان اجتماعي وكونك غير متوازن شعرة!
هناك عبارة شائعة لا أعتقد أن هناك إنسانا يتنفس على سطح الكرة الأرضية لم تقل له ألا وهي "الإنسان كائن اجتماعي" وهذه حقيقة لا تقبل الجدال ولا حتى النقاش وأنا أتفق مع ذلك بنسبة مائة في بالمائة. لكن ما لم يخبروك به عزيزي القارئ سهوا أو جهلا أن رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- قال "لا تكونوا إِمَّعَةً، تقولون إنْ أحسَنَ الناسُ أحسنا، وإن ظلموا ظلَمْنا، ولكن وَطِّنوا أنفسَكم، إن أحسَن الناسُ أن تُحسِنوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِموا".
فكونك صديقي القارئ إنسان "اجتماعي" لا ينافي أو يتعارض مع فرديتك واستقلالك! فالمجتمع لن يعيش معك أدق تفاصيل حياتك، التي ينبغي ألا تقضيها كاملة معه، فلك بالطبع حياتك الخاصة ومشاريعك وأحلامك وطموحاتك التي لو أهدرت طاقتك على أخبار المجتمع بها وانتظار موافقتهم الضمنية عليها لن ترى النور!
ولا شك أن مقولة "الموت مع الجماعة رحمة" وغيرها من الأفكار والموروثات الشائعة بدأت تتغير مع تغير المجتمعات وزيادة مستوى الوعي بسبب انتشار التعليم وكثرة مصادره وأنواعه عكس العصور القديمة التي كان الحصول فيها على التعليم مهمة عسيرة وشاقة، ومحو المفاهيم الخاطئة مهمة أكثر تعقيدا.
وبما أن العصر "عصر العلم" وانتشاره سهل تغير الكثير من المعتقدات والأفكار المغلوطة، إلا أن هذا النوع من الأفكار أو الموروثات يمكن تسميته بالأفكار "المتجددة" أي أنها لا تندثر مع الزمن ويظل كل جيل متمسكا بها وينقلها إلى غيره من الأجيال. وأضع بين يديك صديقي القارئ محتوى قيم عن العزلة وفوائدها من حلقة للشيخ عائض القرني، ستجد فيها إجابات على كثير من الأسئلة حول العزلة والحياة الاجتماعية والتوازن بينهما.
العزلة والشهرة والحزن مع عائض القرني | بودكاست فنجان
نشرة بريدية منّي عبدالرحمن أبومالح ومن فريق فنجان، لجمهور البودكاست المقربين. https://thmanyah.link/6dfd5aلو سُئل ابن حزم ما الغرض الأساسي لكل إنسان في أي مج... ...
اقرأ المزيدوأذكرك عزيزي القارئ إننا نكتب هنا لا لانتقاد الحياة الاجتماعية والتنفير منها ولا للتحدث عن سلبياتها وإيجابياتها أو نفرض رأيا معينا حيالها، و أنما نكتب بموضوعية لتذكير المجتمع وخاصة فئة الشباب لأن مرحلتهم العمرية مرحلة قلة الخبرة مع وفرة الحيوية والانطلاق، أن التوازن بين الحياة الاجتماعية والحياة الفردية ضرورة، وأن الاندماج مع الأصدقاء لا يعني رؤية الحياة بأعينهم، ونسيان النفس والذوبان والانصهار في المجتمع وفقدان الاستقلالية والشخصية وإهدار الوقت في التجمعات مع الأصدقاء والمعارف بلا فائدة سوى ألهو ، وفي المقابل لا تعني الاستقلالية التفرد وعدم الاحتكاك والاندماج مع المجتمع.
اقرأ ايضا
فالمسألة فقط هي مسألة موازنة واتزان وعدم ترك جانب يطغى على جانب آخر ويمحيه، فالصداقة جميلة والحياة الاجتماعية لها حيزها، وللحرية والاستقلالية حيزها الآخر.حتى لا تقطع الشعرة بين كونك اجتماعي وكونك شخص حر مستقل تعزز استقلاليتك اتزانك وتميزك وسط مجتمعك وبيئتك.
khawla Al Hafiz
مستشارة وكاتبة حرةمهتمة بنشر الثقافة القانونية بأسلوب بسيط، مهتمة بالوعي النفسي واكتساب مهارات الحياة الضرورية، مهتمة بالمعارف المرتبطة بتكوين العلاقات الصحية.
تصفح صفحة الكاتب