الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان

Hasan Yones
مترجم / كاتب
نشرت:
وقت القراءة: دقائق
الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان

يتفرع الطريق عند مخرج البلدة إلى ثلاثة طرق: أحدها يؤدي إلى البحر، والثاني يؤدي إلى المدينة، والثالث لا يؤدي إلى أي مكان.كان مارتينو يعرف هذا لأنه سأل الجميع تقريبا عن الأمر، وأجابه الجميع نفس الإجابة:

- هذا الطريق هناك؟ إنه لا يؤدي إلى أي مكان. لا فائدة من السير فيه.

- وإلى أين يصل؟

- ‏لا يصل إلى أي مكان.

- ‏إذن ولماذا صنعوه؟

- ‏لم يصنعه أحد، لطالما كان هناك.


اقرأ ايضا

    - ‏ولكن ألم يذهب أحد أبدا لرؤيته؟

    - ‏يا لك من شخص عنيد: نحن نقول لك إنه لا يوجد شيء هناك ليراه أحد...

    - ‏لا يمكنكم أن تعرفوا هذا إن لم تذهبوا هناك من قبل.

    ظل متشيثا برأيه هكذا إلى أن بدأوا يطلقون عليه اسم مارتينو تيستادورا (أي مارتينو العنيد)، ولكنه لم يستسلم وواصل التفكير في الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان.

    وعندما كبر بما يكفي لدرجة أنه لم يعد يمسك يد جده عند عبوره الطريق، استيقظ ذات صباح في الوقت المحدد وخرج من البلدة، وسار في الطريق الغامض دون تردد وواصل التقدم. في العمق كان المكان يعج بالحفر والأعشاب، ولكن لحسن الحظ لم تتساقط الأمطار منذ فترة وهكذا لم يكن هناك برك موحلة. على اليمين وعلى اليسار امتد سياج من الشجيرات، ولكن سرعان ما بدأت الغابات في الظهور. تتشابك فروع الأشجار فوق الطريق مكونة ممرا مظلما وحديث النمو، حيث يتخلل أطرافه بعض أشعة الشمس لتكون بمثابة مصباح إنارة.

    ظل يمشي ويمشي، حيث لم ينته الممر أبدا، ولم ينته الطريق أبدا، وأحس مارتينو بألم في قدميه، وبدأ يفكر بالفعل أن يعود أدراجه حتى رأى كلبا.

    الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان

    وفكر مارتينو "حيث يوجد كلب يوجد منزل، أو على الأقل يوجد شخص ما".

    هرع الكلب باتجاهه محركا ذيله ولعق يديه، ثم انطلق على طول الطريق وهو يلتفت مع كل خطوة ليتحقق من أن مارتينو ما زال يتبعه.

    كان مارتينو يقول بنبرة فضولية:

    - أنا آتٍ، أنا قادم.

    وأخيرا بدأت الغابة تصبح أقل كثافة، وفي الأعلى تجلت السماء مرة أخرى، وانتهى الطريق على عتبة بوابة حديدية كبيرة.

    رأى مارتينو من خلال الحواجز قلعة جميع أبوابها ونوافذها مشرعة، والدخان يتصاعد من مداخنها، وسيدة غاية في الجمال تحييه من الشرفة بيديها وتصيح في مرح:

    - هلم، تقدم يا مارتينو تيستادورا!

    ابتهج مارتينو قائلا:

    - ‏يا للعجب! أنا لم أكن أعلم أنني سأصل هنا، ولكنها على العكس كانت تعلم.

    دفع البوابة، وعبر الباحة ودلف إلى بهو القلعة في الوقت المناسب لينحني أمام السيدة الجميلة التي نزلت على الدَرَج الكبير. كانت جميلة وملابسها أفضل حتى من ملابس الجنّيات والأميرات، وكانت في معظم الوقت مبتهجة وتضحك:

    - إذن لم تصدق الأمر.

    - ‏أي أمر؟

    - ‏حكاية الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان.

    - ‏كانت حكاية سخيفة جدا. وبالنسبة لي يوجد أماكن أكثر من الطرق.

    - ‏بالطبع، يكفي المرء أن يكون لديه رغبة في التحرك. والآن تعال، سأريك القلعة.

    الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان

    كان هناك أكثر من مائة بهو، وأكوام من الكنوز من مختلف الأنواع، كما في تلك القلاع التي توجد في الحكايات الخرافية حيث ترقد النائمات الجميلات وحيث يكدس الغيلان ثرواتهم. كان هناك الماس والأحجار الكريمة والذهب والفضة، وكانت السيدة تقول كل حين:

    - خذ، خذ كل ما تريد. سأعيرك عربة لتضع فيها حمولتك.

    تخيل لو طلب مارتينو. كانت العربة ممتلئة تقريبا عندما عاد. كان الكلب يجلس في المقصورة، حيث كان كلبا مدربا، وكان يعرف كيفية التعامل مع اللجام والنباح على الخيول عندما يغلبهم النعاس ويحيدون عن الطريق.

    الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان

    في البلدة، حيث اعتبروه بالفعل شخصا ميتا، اُستقبِل مارتينو تيستادورا بدهشة كبيرة. أفرغ الكلب كل كنوزه في الساحة، وهز ذيله مرتين كإشارة وداع، وامتطى العربة من جديد وغادر مخلِّفا وراءه سحابة من الغبار. أهدى مارتينو هدايا قيمة للجميع، الأصدقاء والأعداء، وكان عليه أن يقص مغامرته مائة مرة، وفي كل مرة ينتهي فيه من الحكي يهرع أحدهم إلى منزله ويحضر عربة ويهرول متجها نحو الطريق الذي لا يؤدي إلى أي مكان.

    ولكن هذا المساء عادوا جميعا واحدا تلو الآخر، بوجه ممتعض من الغيظ: حيث ينتهي الطريق بالنسبة لهم في وسط الغابة، بمواجهة جدار سميك من الأشجار، وفي بحر من الأشواك. لم يكن هناك بوابة أو قلعة أو سيدة جميلة. لأن بعض الكنوز تتواجد فقط لأول شخص يسلك طريقا جديدا، وكان مارتينو تيستادورا أول شخص يفعل ذلك.

    قصة قصيرة مترجمة من الإيطالية. تأليف جچانّي روداري وترجمتي.

    Hasan Yones

    Hasan Yones

    مترجم / كاتب

    - دارس للغة الإيطالية والإنجليزية وحاصل على شهادة الليسانس في اللغات والترجمة. - مترجم محترف متخصص في الترجمة من الإيطالية للعربية والعكس: عملت على ترجمة بعض الأعمال الأدبية (رواية قصيرة وقصائد أدبية وقصص قصيرة)، وترجمة مقالات من مختلف الأنواع (إقتصادية وسياسية وطبية وقانونية )، وترجمة المحتوى المرئي (فيديوهات قصيرة ومسرحيات ومقابلات تلفزيونية وأجزاء من بعض الأفلام). - كاتب هاو وصانع محتوى؛ أنتجت العديد من القصص القصيرة والمقالات والقصائد وسيناريوهات الأفلام القصيرة.

    تصفح صفحة الكاتب

    اقرأ ايضاّ