الذكاء الاصطناعي وكيفية تأثيره في الأعمال الإبداعية

الإبداع البشري حدوده السماء؛ فإن الدماغ البشري ذات ديناميكية عالية جدًا في القدرةِ على توليد كل ما هو جديد وغير مسبوق من الأفكار المذهلة، حتمًا أننا نصادف يوميًا أفكار تثير اهتمامنا لشدة الإبداع في ابتكارها! على مستوى الكتابة في كل سطورٍ للكتاب نلاحظ اختلاف وروح جمالية وإبداعية في كتابتها، ما يجعلنا نؤمن بأنها لا يمكن الاستغناء عنها يومًا للأبد في الكتابة وغيرها من المجالات التي تحتاج إلينا ولإبداعنا، لكن يبدو أن الذكاء الاصطناعي قد قرر الانخراط في حلبة المنافسة ليكون مؤثرًا في الأعمال الإبداعية، لكن كيف ذلك!

اقتصاد المبدع أو المؤثر creator economy

ساهمت التكنولوجيا مؤخرًا في تفجير الطاقات الكامنة لدى المبدعين بطريقة غريبة من نوعها؛ ما أدى إلى ظهور مصطلح اقتصاد المؤثرين أو كما يشاع تداوله اقتصاد المبدع، وذلك اعتمادًا على القنوات الرقمية الجديدة التي سهلّت عليهم تحقيق طموحاتهم ورغباتهم، فقد أصبح العالم يعّج بالكتاب الإبداعيين ومذيعي البث الصوتي بودكاست وأيضًا المؤثرين بشكل عام، كما ازدادت فرصة المصممين في استخدام الأدوات التي تذلل أمامهم الصعوبات في استكمال مشاريع التصميم وتوفير الوقت عليهم، حتى بات ذلك مصدر دخل مدر للربح بكل بساطة؛ لذلك فقد قدرت قيمة الاقتصاد من هذا النوع عالميًا بما قيمته 14 مليار دولار أمريكي سنويًا.

لكن في ظل اجتياح الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته هذا العالم؛ فقد أصبح هناك قائمة مطوّلة من الوظائف التي يهددها الذكاء الاصطناعي، تحديدًا بعد ولادة العديد من التقنيات يوميًا من رحم الذكاء الاصطناعي قادرة على منافسة الإبداع البشري؛ منها شات جي بي تي chatgpt الذي أحدث نقلة نوعية في سرعة الإنجاز والدقة المتناهية وغيرها الكثير من الإيجابيات التي لاحظها المبدع.

تأثير الذكاء الاصطناعي في الأعمال الإبداعية

ما بين الرفض والقبول في استخدام الذكاء الاصطناعي؛ فقد ازدادت وتيرة القبول أكثر أمام سرعة الإنجاز التي حققها المبدع في أداء المهام الموكولة إليه، إذ ترتفع منحنيات الإنتاج بسرعة مذهلة جدًا، فقد أصبح كتاب المحتوى مثلًا يميلون إلى الأدوات الذكية في كتابة المحتوى الذي يساعدهم على كتابة السطور الطويلة في غضون ثوانٍ؛ بالتالي ربح أعلى وعائد سريع الحصول، لكنه سلاح ذو حدين مع الأسف؛ إذ توجهت فئة ليسوا من ذوي الاختصاص لاستغلال ذلك؛ ما ولد إبداع رخيص ليس له قيمة.

رغم مساعدته وتسهيل الأمور على المبدعين؛ إلا أن المخاوف تجتاح قلوبهم بإحلاله مكانهم، بالتالي تلاشي مصادر الدخل وتراجع إيمانهم وثقتهم بالقدرة الإبداعية لديهم؛ فإن المكان الصحيح قد تقهقر وتلاشي.

من المؤسف أنه قد أثار موجة من الرعب والقلق في نفوس المبدعين؛ إذ تزداد الاحتمالية في تضييق نطاق الفرص المتاحة لهم؛ لكن هل يعقل أن يكون هذا النوع من الذكاء العاجز تمامًا عن التفكير خارج الصندوق قادرًا على العمل وحده دون وجود الإنسان؟! استحالة ذلك، من أقرب الأمثلة عند رسم لوحة فنية فإنه بحاجة ماسة إلى الفنان المبدع ليضفي لمساته بتمرير المعلومات الدقيقة حول تفاصيل اللوحة؛ سواء النوع أو الألوان أو أي شيء ذات علاقة، فإن التدخل البشري إلزامي لا محالة.

كيفية استغلال الذكاء الاصطناعي في الأعمال الإبداعية

في الواقع إن اندماج الإنجاز البشري مع الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب أمر رائع للغاية؛ ولكن دون الاستغناء عن الإنسان إطلاقًا، من هنا يمكننا القول بأن المبدع قادر حقًا على استغلال تقنيات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي في مساعدته بإنجاز أعماله؛ بأن يكون هو المدير والمسؤول عن توجيهها في إخراج ما يؤول إلى إنتاجه، دون ترك زمام الأمور للآلة فقط!

من الأمثلة على ذلك استخدام المصمم الجرافيكي لبرنامج ذكاء اصطناعي متخصص في تصميم صورة بطريقة احترافية، إلا أن الأمر يحتاج إلى قيام المصمم بتزويده بالمدخلات والمعطيات بالدرجة الأولى؛ حتى يكون البرنامج قادرًا على التنفيذ حسب المطلوب بدقة متناهية، فإنك عند توجيه البرنامج إلى رسم جبال قد ينطلق فورًا لرسم مجرد هيئة جبال في حال لم تضيف أي معلومات وتفاصيل حول الارتفاع والمنظر الخلفي وغيرها! لذلك فإن المصمم قادر على الإبداع بهذه الطريقة بأسلوب مختلف ومغاير للعادة.

من الذكاء الخارق أن تتحد البشرية معًا على استغلال الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تحسين الإنتاجية وتعزيز جودتها وكفاءتها بالتعاون وتنسيقٍ من الإنسان، وليس الإحلال مكانه إطلاقًا، إذ يعتبر ذلك تحقيقًا أكيدًا للمصلحة البشرية جمعاء وخوفًا من تفشي البطالة وتفاقمها، ودون أدنى شك أن القعود عن العمل والارتطام في أمواج البطالة سيؤدي إلى نتائج وخيمة أكثر.

حدود الذكاء الاصطناعي في دعم الذكاء البشري

رغم المكانة المرموقة التي تمكن الذكاء الاصطناعي من بلوغها؛ إلا أنه ما زال عاجزًا عن تحفيز كافة المهارات الرئيسية لدى الإنسان ليكون قادرًا على الإبداع أكثر أو توليد أفكاره، كما أنه عاجز عن إظهار ردود فعل موازية لما يأتي بها الإنسان، إذ يحتاج التوجيه حتى يكون قادرًا على التصرف في أي موضع يواجهه.

من أكثر الأمثلة المثيرة للجدل على هذا السياق توكيل الذكاء الاصطناعي بتوليد أفكار واقتراحات في جلسة عصفٍ ذهني حول سبل التخلص من الأثار المدمرة لأكسيد الكربون خلال الانتقال عبر الطائرات، فقد جاء بأفكار لم تكن مقبولة إجمالًا! بأن يتم الاستغناء عن الطائرات والاكتفاء فقط بالقطارات! ويعتبر ذلك مستحيلًا تمامًا؛ فإن السفر من دولة إلى أخرى وتحديدًا تلك التي تفصل بينها مساحات شاسعة يعد استخدام القطارات أمر مستحيل والوسيلة الوحيدة الطائرات بهذه الحالة.

ختامًا، فإن الذكاء الاصطناعي يترك أثرًا ملموسًا في مختلف المجالات وتحديدًا العالم الإبداعي، وقد ارتفعت وتيرة الكلام مؤخرًا عن دور الذكاء الاصطناعي بمختلف المجالات ومدى تهديدها للوظائف المختلفة منها ذات العلاقة بالمجال الإبداعي مثل التصميم والكتابة وغيرها الكثير، من هذا المنطلق لا بد من تسليط الضوء على آلية تضمن الحفاظ على المصلحة البشرية وبقاء لمساتها الإبداعية واضحًا في مختلف المجالات.

المراجع

Augmenting human creativity with AI

How Generative AI Could Disrupt Creative Work

The Impact of AI on Creative Roles: What You Need to Know

إيمان الحياري

كاتبة محتوى تقني ومنوع

كاتبة محتوى إبداعي واحترافي أشغف في إثراء المحتوى العربي، هدفي إفادة الشباب العربي بالمعلومات المستوحاة من مصادرها الموثوقة وتقديمها بأبسط ما يمكن لتكون متوفرة فور البحث عنه.

تصفح صفحة الكاتب