التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

نشرت:
وقت القراءة: دقائق
التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

انظر حولك وستجد الكثير من الآلات تحيط بك ولو تأملتها قليلا ستجد أن لكل منها وظيفة محددة تقوم بها بدقة لكنك إن طلبت منها شيئا غير معتاد ستفشل في تأدية ما كلفتها به وهذا هو الفارق بين البشر والآلات في تأدية المهام.

فالبشر يمتلكون ذكاءاً فطريا يمكنهم من التعامل مع المتغيرات والظروف المختلفة التي يوضعون بها فيتخذون القرار على أساسها بينما الآلات لا تمتلك هذه القدرة فتفشل في تأدية مهامها بالشكل المطلوب إذا ما تغيرت الظروف المحيطة بها.

لذا نحن نحاول أن نمنح الآلات قدرا من الذكاء يمكنها من التعامل مع الظروف والمعطيات (البيانات) فتتخذ القرار وتتصرف بطريقة تشبه العقل البشري وهذا يتم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (AI).

وللذكاء الاصطناعي نوعان هما:

1-الذكاء الاصطناعي القوي (strong AI)

وهذا النوع يسمى أيضا باسم الذكاء الاصطناعي الواسع (wide AI) وهذا النوع لازال في طيات العقل البشري ولا يوجد سوى في أفلام الخيال العلمي ففيه الآلة تتحكم بنفسها وتمتلك دوافع وانتماءات ومشاعر وهذا ليس له أي صلة بالحياة الواقعية.


اقرأ ايضا

    2-الذكاء الاصطناعي الضعيف (weak AI)

    ويسمى هذا النوع أيضا باسم الذكاء الاصطناعي الضيق (narrow AI) وهو النوع المستخدم في الحياة الواقعية وفي كل برامج الذكاء الاصطناعي الموجودة في العالم حاليا.

    ويمكننا القول أن تقنية الذكاء الاصطناعي مجال واسع يطوي تحته مجالات أعمق وهي:

    -التعلُم الآلي Machine Learning (ML)

    -التعلُم العميق Deep Learning (DL)

    ويمكن وصف العلاقة بين المجالات الثلاث كما في هذا الشكل التوضيحي

    رسم بياني تم تصميمه بواسطة الكاتبةرسم بياني تم تصميمه بواسطة الكاتبة

    وفي هذا المقال سنتحدث عن التعلم الآلي وسنفهم كيف يمكننا أن نحول الآلة من أداة غبية تحتاج إلى تدخل بشري دائم ومباشر لأداء مهامها إلى أداة ذكية تملك القدرة على التحليل والقرار حتى تؤدي مهامها بأقل قدر ممكن من التدخل البشري

    أولاً: ما هو التعلم الآلي(ML)؟

    يمكن تعريف التعلم الآلي على أنه منح الآلات القدرة على التعلم الأوتوماتيكي من البيانات والتجارب السابقة وتحديد الأنماط لإجراء توقعات بأقل تدخل بشري.

    أي أن التعلم الآلي يُمكن الآلات من التعلم والنمو والتطور بشكل مستقل فلا تحتاج لوجود برمجة واضحة حيث تمتلك خوارزميات التعلم الآلي طرقا حسابية للتعلم مباشرة من البيانات المُدخلة باستمرار بدلا من الاعتماد على نماذج محددة مسبقاً.

    ثانياً: كيف يعمل التعلم الآلي(ML)؟

    تعتمد خوارزميات التعلم الآلي على البيانات التدريبة (Training Data) لصنع نموذج (Model input data) وعندما يتم إدخال بيانات جديدة (New input data) تستخدمها لإجراء تنبؤ (Prediction).

    بعد إجراء التنبؤ (Prediction) يتم فحص دقته (Accuracy) ويمكن تكرار العملية حتى الحصول على الدقة المطلوبة (Successful model).

    المخطط التالي يوضح طريقة العمل النموذجية لعملية التعلم الآلي ولكن يمكن أن يكون هناك المزيد من العوامل والمتغيرات والخطوات:

    التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

    ثالثا: ما هي أنواع التعلم الآلي (ML)؟

    يمكن تصنيف التعلم الآلي حسب الطريقة التي تعمل بها خوارزمياته إلى أربع أنواع رئيسية :

    1-التعلم الآلي الخاضع للإشراف (Supervised Machine Learning):

    التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

    يتضمن هذا النوع الإشراف على تدريب الآلات على مجموعات بيانية مُعرَفة (Labeled datasets) تمكنها من التنبؤ بالمخرجات بناءاً على التدريب المُقدم.

    تكمُن الأهمية الأساسية لهذا النوع في ربط متغير المدخلات مع متغير المخرجات ويمكن تقسيم هذا النوع إلى فئتين:

    -التصنيف (Classification):

    حيث تقوم خوارزميات هذا النوع بمعالجة مشاكل التصنيف حينما يكون متغير المدخلات قاطعا على سبيل المثال: نعم أم لا , صح أم خطأ , ذكر أم أنثى.

    يستخدم هذا النوع في العالم الواقعي في اكتشاف البريد العشوائي Spam وفلترة البريد الإلكتروني.

    -الانحسار (Regression):

    وتتعامل خوارزميات هذا النوع مع المشكلات حينما يكون هناك علاقة خطية بين متغيرات الإدخال والإخراج.

    يستخدم هذا النوع للتنبؤ بمتغيرات إخراج مستمرة (continuous output variables) مثل التنبؤ بالطقس وتحليل اتجاهات الأسواق.

    2-التعلم الآلي الغير خاضع للإشراف (Unsupervised Machine Learning):

    التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

    لا يتضمن هذا النوع أي نوع من الإشراف حيث يتم تدريب الآلة على مجموعات بيانية غير مُعرَفة (Unlabeled datasets) وتقوم هي بالتنبؤ بالمخرجات دون إشراف وينقسم هذا النوع إلى فئتين:

    -التجميع (Clustering):

    تقوم هذه التقنية على تصنيف المدخلات طبقاً لأوجه التشابه والاختلاف بينها مثل تصنيف العملاء طبقاً للمنتج الذي يقومون بشرائه.

    -الارتباط (Association):

    تعتمد هذه التقنية على إيجاد العلاقة النموذجية بين المتغيرات ويمكن استخدام هذا النوع في تحليل البيانات السوقية.

    3-التعلم الآلي الشبه خاضع للإشراف(Semi-supervised Machine learning):

    يجمع هذا النوع بين النوعين السابقين حيث يستخدم التدريب على نوعي البيانات المُعرَفة والغير مٌعرفة وقد صُمم هذا النوع للتغلب على عوائق النوعين السابقين.

    4-التعلم الآلي المُعزز (Reinforcement Machine learning):

    هذا النوع يجعل الآلات تقترب أكثر نحو الطبيعة البشرية حيث لا يتم تدريب الآلة على أي

    بيانات مُعرفة لكن تعتمد على ردود الفعل والتعلم من الخطأ والتجربة لاتخاذ الإجراءات وتحسين الأداء.

    في هذا النوع تتم مكافأة مكون الذكاء الاصطناعي في الآلة (AI component) على كل عمل جيد يقوم به ويُعاقب على كل فعل خاطئ مما يدفعه دوما لتحسين أداءه لجني مكافئات أكثر.

    لفهم الأمر بشكل أفضل يمكننا تخيله كلعبة إلكترونية بياناتك عنها هي بيئة اللعب ونجاحك بها يعتمد على اتخاذك رد الفعل الصحيح وأداءك بها يتحسن مع التجربة وأنت تسعى دائما لتحسين أداءك لتحصل على مكافئات أكثر هكذا تكون الآلة في هذا النوع.

    رابعاً: ما هي تطبيقات التعلم الآلي الحياتية؟

    نستعرض في الآتي بعض تطبيقات التعلم الآلي في مجالات مختلفة:

    المجال الصحي:

    يتزايد استخدام تقنية التعلم الآلي لأغراض صحية مختلفة مثل:

    اكتشاف الدواء : حيث تساعد تقنية التعلم الآلي على اختصار بعض الخطوات لتسريع العملية.

    بعض الأجهزة الطبية: مثل الساعات الصحية الذكية وأجهزة تعقب اللياقة البدنية.

    القطاع المالي:

    التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

    تستخدم العديد من البنوك والمؤسسات تكنولوجيا التعلم الآلي لمواجهة الأنشطة الاحتيالية والهجمات السيبرانية ولتحديد فرص الاستثمار لتسمح للمستثمرين تحديد موعد التداول.

    مؤسسات مثل سيتي بنك و PayPal تستخدم التعلم الآلي لمواجهة النصب والاحتيال.

    قطاع التجزئة:

    تستخدم مواقع البيع بالتجزئة تقنيات التعلم الآلي على نطاق واسع حيث تستخدمها في الحملات التسويقية وتحسين الأسعار وفي التوصية بالمنتجات بُناءً على سجلات المستخدمين مثل موقع أمازون ونتفلكس ويوتيوب.

    وطبقا لتقرير صدر في سبتمبر 2021م بواسطة Grand View Research ,inc فإنه من المتوقع أن قيمة سوق محركات التوصية العالمية ستبلغ 17.30 مليار دولار بحلول 2028م.

    خدمات السفر:

    التعلُم الآلي....كيف نجعل الآلات تفكر كالبشر

    يستخدم التعلم الآلي على نطاق واسع في صناعة السفر حيث يستخدم في تقييم تجارب المستخدمين من خلال تحليل تعليقاتهم ومشاعرهم الإيجابية والسلبية.

    كما أن شركة مثل Uber تستخدم تقنية التعلم الآلي لإجراء تحديد ديناميكي لأسعار الرحلات فمثلا لو كنت في منطقة مزدحمة وطلبت رحلة Uber ستتمكن من الحصول على رحلتك على الفور لكن سيتعين عليك دفع ضعف الأجرة بسبب الازدحام الذي تم تحديد درجته بواسطة تكنولوجيا التعلم الآلي.

    منصات التواصل الاجتماعي:

    يرجع الفضل لتكنولوجيا التعلم الآلي في جعل المليارات من البشر يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بكفاءة عالية حيث تستخدم منصات مثل فيسبوك ولينكد إن التعلم الآلي لتخصيص المحتوى المعروض للمستخدمين.

    في النهاية يمكننا القول بمنتهى اليقين أن الذكاء الاصطناعي بتقنياته المختلفة قادر على تغيير مستقبل البشرية بصورة غير مسبوقة وثأثيره الممتد لكافة المجالات يجعلنا نستطيع الجزم بأن مواكبة التطور في هذا المجال سينعكس بالضرورة على التطور في شتى المجالات الأخرى.

    المصادر

    spiceworks

    اقرأ ايضاّ