اجعل لك خبيئةً صالحةً تجنِ ثمارها بعد حين .

عبارةٌ لطالما جعلتُها نُصب عيني وحفظتُها في طيّات أوراقي لتكون لي مبدأ في الحياة..
معنى الخبيئة :
هي كل عمل قمتَ به سرّا لا يعلم به إلا الله ولا يشهد عليه سواه ، أخفيتَه عن الخلق ، وخبّأته عند الخالق الذي لا تضيع ودائعه ، ولا تفنى عطاياه ترجو من ورائه الخير ..
وأيّ خير ينتظرك وأنت تعطي لوجه رب كريم !!
وأي خير يأتيك وأنت تستودع عملَك عنده وتستمطر عطايا المنّان الرحيم !!
أشكال الخبيئة وصورها :
وأمّا عن أشكال الخبيئة فمن الاستحالة أن يحصي المرءُ صورَ العمل الصالح الذي يمكن أن يجعله خبيئة له عند خالقه . فبذور الخير كعدد حبّات الرمال على الأرض .. وعدد النجوم التي نراها أو لانراها في السماء ..
- فمنذ أن تنهض من فراشك تقف أمام نافذتك تستنشق عطر الصباح لاتنسى أن تملأ كأس الماء لطيورٍ أنهكها الصيف وأتعبها لهيب الشمس كما أتعبَك .
- وإن صادفتَ في طريقك لعملك ..لمدرستك .. بابا للخير لا تتركه لسواك وكن سبّاقا إليه فأنت بالأجر أولى ..أعِنْ عابر الطريق ، وأبعدْ قطعة الخبز عن المارّة فهي نعمة لا يعلم قيمتها إلا من فقدها ، تصدّق ولو بالقليل ، وادعُ للمريض بالشفاء وللفقير بالعطاء ، إن شربت كأس ماء فتصدّق بالثاني ، وإن اشتريت طعاما فاجعل لأحدهم نصيبا قبل أن تأكل منه فالبركة فيما أعطيت لا فيما أكلت ،
وقل دبرَ كل عمل :
اللهم إني استودعتك أجرَ ما فعلته فخبّئه لي عندك ورُدّه ليّ عند حاجتي إليه .
- والعمل الصالح ليس مالاً تنفقه فحسب فالكلمة الطيبة قد تشفي سقيما وتجبر خاطر مكسور ، ومدُّ يد العون لتكون سندا لأحدهم في وقت كاد يفقد الأمل بالنجاح أو بالحياة كلها هو خير عمل تجد حلاوته في دنياك قبل آخرتك ..
- اصفح عمّن أساء إليك واحتسب أجرك عند ربك ، وأحسن إلى مَن اغتابك وظنّ بك الظنون فوالله لَترتقيَنّ في سلّم الأجر ارتقاء الصابر المحتسب ، و ما كلّ ذلك إلا من فيض تعليم الله تعالى في قوله في سورة الضحى : ( وأمّا اليتيمَ فلا تقهر ) .
فتعامُلك مع البشر بإحساس رقيق وحبّ عميق وعهد بالصدق وثيق باب لقبول العمل ، ولا تنسَ أن مَن جَبر جُبر ، ومن سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه لطف الله في جوف المخاطر .
اللهم فأدركنا اللهم فأدركنا اللهم فأدركنا
فوالله ليأتينّك الأجر أضعافا مضاعفة بصورةٍ أجمل ممّا أدّيت به عملك وقضيته ، وبالوقت الذي تحتاج إليه سندا ومددا من الله وفضلا .
وهنيئا لمَن عرف أن الحياة فانية وأنها رحلة نختزن فيها الصالحات من أعمالنا ، ونتسابق إلى أبواب الخير لتكونَ مفتاح فلاحنا وفوزنا في دار الخُلد والبقاء .

لينا غرلي
معّلمة اللغة العربية وكاتبةأتشرف بالانضمام إلى واحة من العلم والثقافة وأتشوّق للإبحار في كنوز المعرفة وسحر الكلام بدعمكم