قبل إحدى الرحلات من الرياض إلى القاهرة اجتمعت بالمضيفين لألقي عليهم بعض التعليمات
وفي أثناء ذلك سألني أحدهم قائلاً: عفواً يا كابتن هل عندك أخ دكتور يدرس في الجامعة؟
قلت له: لا ليس لي أخ يدرس في الجامعة، لكن لماذا تسأل هذا السؤال؟
قال: لأني درست مادة الثقافة الإسلامية في الجامعة عند واحد يشبهك تماماً... فقلت له أنا دكتور في الجامعة، وأنا الذي درستك مادة الثقافة الإسلامية .
فقال: يعني كابتن ودكتور في الجامعة! كيف؟ فكانت هذه مفاجأة عظيمة له، ولي أيضاً.
من هذا الدكتور الطيار الداعية المؤرخ المصلح الفاضل تعريف بالكاتب :
إنه الدكتور محمد بن موسى الشريف حفظه الله

وهو من القلائل في العالم العربي الذين جمعوا بين فنون عدة وبرع فيها بشكل واضح ولد د. محمد موسى الشريف في جده عام 1381 هـ /1961م، وأسرته من المدينة المنورة، ويتصل نسبهم بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . وكان يعمل قائد (طيار) في الخطوط الجوية العربية السعودية حفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات من الشيخ أيمن سويد . وقد اهتم بدراسة التاريخ وله كتب ومحاضرات ودروس قيمة فى التاريخ والأندلسيات والشخصيات التاريخية وله عدة كتب قيمة تستحق القراءة .
كتب الشريف حفظه الله عدة مقالات عديدة في مجلة المنار والجسور و درّس كتاب (التحبير) في علوم التفسير للإمام السيوطي والمقدمات العشر لتفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور.
ذكريات من كلام الشريف:
يحكى د.الشريف فى ذكرياته عن فضل أمه وأبيه فى تعليمه وأن أمه كانت تعمل فى مجال التعليم وكان التعليم جل اهتمامهم وكان متفوق وعندما ساق الله اليه الابتعاث وابتعث الى الولايات المتحدة الأمريكية ودعه صديق كبير لأبيه من أصل باكستاني وكان يحبه جدا وأعطاه هدية مصحف وعاهده ان يحفظ كل يوم صفحة من المصحف وقد زادت همته فعاهد الشيخ نفسه ألا ينام كل يوم حتى يقرأ صفحة من ظلال القراءن مع إن صفحة الظلال تحتاج الى تركيز ووقت وكان هذا وقت الدراسة التدريب على الطيران فى البعثة فكان يغالب النوم ويجاهد نفسه ويحاول التركيز ليوفى بوعده.
والحمد لله أعانه الله ووفى بعهده حتى ختم الحفظ وقراءة التفسير ولم يكتفى بذلك بل درس الماجسيتر والدكتوراة فى العلوم الشرعية ودرس القراءات على يد الشيخ أيمن سويد بجدة وأجيز فيها.
نصائح في التربيةوالاستعانةبالله:
يقول الشيخ محمد موسى عدد أولادي أحد عشر، خمسة أبناء وست بنات، وهم من أم واحدة و عن الوقت الكافي لتربية أولاده بجانب العمل والتأليف والخطابة يقول الشيخ أستعين على ذلك بأمرين بعد الاستعانة بالله - تعالى - ودعائه بالهداية لهم:
١- أجلب للذكور مربين ومؤدبين، وألحقهم بالنوادي والمراكز الصيفية والدائمة التي يقوم عليها الأخيار.
٢- وأستعين على الأبناء والبنات بأم مربية وصالحة، هي مديرة مدرسة فهي تعرف الأساليب التربوية المناسبة .
ويستطرد الشيخ فيقول عندي قناعة تامة بأن الله - تعالى -لن يضيع أولاد عبده إذا أقبل عليه وتفرغ للعمل الصالح والدعوة، فقد قال جل من قائل: (كان أبوهما صالحا) . وقال تعالى -: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً)، إذاً كل من خاف على أولاده فعليه بتقوى الله والقول الصالح والعمل النافع، ولا يعني كلامي هذا إهمال الأولاد، معاذ الله.
أيام لا تنسى:
١-ومن الأيام التي لا تنسى أيامي في قازقستان وقيرغيزيا، وقد سجلتها في شريط وفي حلقات مكتوبة في موقع التاريخ، ومن الذكريات الجميلة الدورات الشرعية والدعوية التي تشرفت بإلقائها في أمريكا وأوربا، ومن الذكريات التي لا تنسى قصة ذهابي إلى الهند لمقابلة الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي والأستاذ الكبير أبي الحسن الندوي والأستاذ سعيد الأعظمي، ولا أنسى أبداً حسن ذلك اللقاء في ندوة العلماء مع الندويين ونومي على ذلك السرير الشهير حيث أخبرني الأستاذ سعيد الأعظمي أني سأنام على سرير نام عليه عدد كبير من العظماء منهم الأستاذ الكبير علي الطنطاوي - رحمه الله تعالى .
ولا أنسى منظر الأصنام الهائلة في لكنؤ بلد الأستاذ الندوي إذ كل صنم كعمارة من أدوار أربعة تقريباً فكان منظر هائلاً لا ينسى، ولا يمكن أن أنسى فقر أهل بومباي المدقع الذي لم أر مثله في حياتي.
وإن أنس لا أنسى أبداً استانبول ومساجدها العظيمة، خاصة مسجد السلطان محمد الفاتح الذي دخلته مرات وكرات، فلم أدخله إلا بكيت بل ربما انتحبت كنحيب الطفل الصغير ولا تسلني لماذا؟ لأني لا أدري ما الذي حدث لي حين دخلت ذلك المسجد المبارك، ولا أنسى يوماً دخلته فإذا به يغص بالمصلين في يوم مطير فسألت فإذا هم يصلون لله شكراً على استقلال أذربيجان.
ولا أنسى رحلتي إلى الجزائر سنة 1404هـ يوم كانت في بداية صحوتها الرائعة والمساجد مليئة بالشباب الأطهار، ولا أنسى رحلتي إلى ترنجانو بماليزيا، ولا رحلتي إلى ليبيا وما كان فيها من الغرائب العجيبة، ولا أنسى رحلتي إلى دمشق الشام مراراً وإلى جبل الضنية بلبنان وعشرات الزيارات الأخرى.
مواقف مشوقة فى مجال الطيران:
١- كنت في رحلة إلى القاهرة.. وفي أثناء مروري بين الركاب داخل الطائرة حدثت مطبات هوائية قاسية جداً فاضطرب الركاب وتعالت أصواتهم.. وبدأ بعضهم يتشهد ويكبر، وكأنه يستعد للموت في ذلك الوقت.
٢- وفي رحلة أخرى من الرياض إلى جدة تكرر نفس المشهد، وكان هناك راكب يتشهد يرفع إصبعه عالياً ويتقلب يميناً وشمالاً.. يريد النجاة.. فتذكرت قول الله - تعالى -: (وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجد بآياتنا إلا كل ختار كفور). (لقمان: 32).
اقتباسات من كلام الشيخ حفظه الله:
١-يعيش معظم الناس على هذه الأرض مدداً متفاوتة ثم يغادرونها ، ولئن سألت عنهم وعن آثارهم وأعمالهم، لوجدت أنهم كانوا كسحابة صيف سرعان ما انقشعت ولم تمطر، وأنهم كانوا كظل سرعان ما زال، عاشوا سنوات طويلات ثم ماتوا ،عاشوا فلم يشعر بهم أحد، وماتوا فلم يدر بهم أحد .. ولعمر الحق ما هكذا يعيش العظماء ولا هكذا يموت الأبطال.
٢-أعلام بلاد إفريقيا السوداء هم كالمجاهيل في عصرنا لقلة المصادر التي تحكي سيرتهم ، ولصعوبة الوصول إلى قول فصل محايد في بعض الأحداث التي تتعلق بهم.(عظماء منسيون في التاريخ الحديث).
٣-أخلص النية في أعمالك يَكفِكَ القليل من العمل .
ننصح ببرامج شخصيات أندلسية وتونسية وعثمانية وقد أوتى الشيخ من صدق القول وسلاسة العبارة وحسن البلاغة ورهافة الحس فعندما تستمع له ستبكي مِرَارًا وتكرارًا مرة على ضياع عزة الإسلام ومرة لضياع الأندلس ومرة لضياع الخلافة ومرة لبكائه حين يرتاد أماكن العزة ويبكى وبرغم ذلك ينصح الشيخ الأمة بالتفاؤل والثبات وطلب العلم والثقافة الواسعة والصبر فإن النصر مع الصبر .
مؤلفات وكُتب د. محمد موسى الشريف
كُتب د. محمد موسى الشريف تجمع بين العلم والسلاسة والفكر والأدب والتزكية وجميعها تستحق القراءة ومنها : رحلتي مع القراءة رحلتي في طلب العلم رحلتي مع التأليف رحلتي في التعليم والإعلام مذكرات طيار رحلاتي في الدول العربية رحلاتي في الدول الإسلامية رحلاتي في الدول غير الإسلامية الطرق الجامعة للقراءة النافعة الأمن النفسي جدد حياتك العشر الأخيرة مجاهدون منسيون وكثير من الكتب نفعنا الله بها وكتب أجره وأجر من قرأها وعمل بها ونشرها
عن الكاتب
Eftetan Ahmed
أديبة ومدونة
