
- المجالس المحلية: فراغ وجودي بين الاستقواء والخنوع
- جدلية العقد الاجتماعي: بين الأمن والحرية
- إفراغ الوجود الإنساني من معناه والتحديات الانسانية المعاصرة
يكشف الإرهاب المؤسسي عن وجهه الأخطر حين يتجسد في النظم المجتمعية ، فيحوّل المؤسسات التي وُجدت لحماية الإنسان والارتقاء به إلى أدوات لإدامة الرهاب والتشظي الوجودي . فالمنظمات الإنسانية حين تنحرف عن رسالتها، والمجالس المحلية حين تستقوي على الضعفاء وتخضع للقوى النافذة، تساهم في إفراغ الوجود الإنساني من معناه.، فيتآكل العقد الاجتماعي بين الأمن والحرية، ليجد الإنسان نفسه أمام مأزق وجودي تنصهر فيه القيم الانسانية ويُختزل فيه بقاء الكائن البشري إلى مجرد استمرار جسدي.
المراجع

كتاب الإرهاب في النقاش الفلسفي : الفهم والثغرات
يتناول الكتاب أطروحات بعض الفلاسفة الغربيين حول الظاهرة الإرهابية المعاصرة؛ وتصدعات تفسيراتهم لها. تعرض الدراسات للنقاشات الفلسفية الأوروبية والأميركية؛ وتجلياتها العربية، في قراءة الإرهاب، محاولةً تفكيكه وفهمه.من بين الفلاسفة الذين دُرِسوا: جاك دريدا (Jacques Derrida)، وجان بودريار (Jean Baudrillard)، وإدغار موران (Edgar Morin)، وحنة أرندت (Hannah Arendt)، ويورغن هابرماس (Jürgen Habermas)، وجوديث بتلر (Judith Butler)، وسلافوي جيجك (Slavoj Žižek). توحدت المواقف الفلسفية الرافضة للعنف، لكنّها في سياق بحثها عن فهم الإرهاب، وقعت فيما يمكن وصفه -بقدرٍ من التحامل- قد يرقى إلى التبرير له، دون قصد أو وعي، وهو أمر يماثل ما توصل إليه محللون نفسيون في تشريح شخصيّة الإرهابي، كما كشف لنا، من قبل، كتابنا الشهري «علم نفس الإرهاب: الأفراد والجماعات الإرهابية» (الكتاب الخامس والعشرون بعد المئة، مايو (أيار) 2017). فقد وقعوا في فخين؛ الأول: الحكم بأنّ الإرهابي مريض نفسي؛ فتُخلى -دون وعي- ساحته من المسؤولية الأخلاقية لغياب أهليته النفسية، والثاني: تحميل الظروف المحيطة به مسؤولية تدرجه نحو التطرف العنيف؛ وهو عامل لا بد من الأخذ به، والتعاطي معه بحذرٍ وبصيرةٍ وإدراك، ولكن من المهم معاينة واقع العنف ضمن مناهج متداخلة للكشف عن أبعاده وطبقاته العميقة وأيديولوجياته الخطرة. يتطرق الكتاب إلى النقاشات الفلسفية اليسارية الغربية المعاصرة حول الإرهاب، في ضوء التحوّلات العالمية الراهنة، أولاً؛ والهجمات الإرهابية التي شهدها القرن الحادي والعشرون، ثانياً. يُلاحظ أنّ الخلاصات التي خرجت بها النظريات الفلسفية المفسرة للإرهاب، هشّة وضعيفة وليست متصلة بواقع الظاهرة وجوهرها. لذا يُعد الكتاب بمثابة مقدمة تمهيدية وضرورية، لنقد الثغرات التي وقعت فيها تحليلات فلسفية، سعى الإسلامويون للانفتاح غير المشروط عليها واستغلالها، ظناً منهم أنها تشاركهم خصومتهم وعداءهم الصلب، للدولة وفكرتها وقيم المواطنة! https://www.almesbar.net/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%82%d8%a7%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%87%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%ba/
تصفح المرجع
المنظمات الإنسانية بين الرسالة والإنحراف
يُفترض أن تكون المنظمات الإنسانية المحلية و الدولية والعابرة للقارات عن طريق الانفاق المذهبية و السياسية التجارية حاملة لرسالة إنقاذ الإنسان وصون وجوده الخلاق لتحقيق غاية الوجود الإنساني المتمثلة بالنمو والارتقاء والتطور . غير أنّ الواقع في البلدان المنكوبة يكشف عن انحراف خطير في أدائها. إذ أنها تستقطب كوادر ذات مستوى ثقافي متدنِّ ، وتعمل بآليات بيروقراطية جامدة تفتقر إلى للحداثة والإبداع . فتتحول إلى أدوات لإعادة إنتاج التشظي الاجتماعي و إدامة الهشاشة البنيوية للمجتمع . يظهر ذلك بوضوح في الأقسام المعنية برعاية الطفولة، حيث يُفترض أن يُبنى وعي جديد قائم على الانفتاح والحرية، لكننا نجد أطفالًا دون العاشرة يتشرّبون لغة طائفية عمرها أكثر من ألفي عام.
أي ان الفرد القاصر يتعلم الكراهية قبل ان يتعلم الأحرف الأبجدية
هذا الانحراف لا يقتصر على فشل إداري أو قصور مهني، بل يكشف عن مأزق وجودي يواجه الإنسان في مثل هذه السياقات: إذ يجد نفسه أمام مؤسسات يُفترض أن تحميه لكنها تُعيد إنتاج الخوف واللاجدوى. وهكذا، يصبح الفرد محاصرًا بين خطاب إنساني معلن لا يتحقق على أرض الواقع، وواقع يومي يفرغ وجوده من معناه، فيغدو البقاء مجرد استمرار جسدي بلا رسالة أو أفق.
بلاد صغيرة جغرافيا تنشط فيها منذ عقود ، المئات من تلك المنظمات وشعبها يغزوه الفقر والجهل !
يستدعي هذا ان نسأل : ما الفائدة التي تقدمها للفرد والمجتمع ؟ هل حققت رسالتها في النهوض بالوجود الانساني ؟ ام تحقق أهدافها لضمان استمرارية وجودها بوصفها مؤسسات تجارية لا إنسانية ؟
ألا بجب تغيير الية عملها وكوادرها و تغير المحتوى والمناهج التربوية المقدمة للافراد والمجتمعات على اعتبار انه لا يغني ولا يثمر ؟

المجالس المحلية: فراغ وجودي بين الاستقواء والخنوع
ينبغي على المجالس المحلية أن تكون صوت المجتمع وحامية لحقوق أفراده، غير أنّها في كثير من السياقات المنكوبة تنحرف عن رسالتها لتتحول إلى سلطة خنوعة أمام القوى المهيمنة، ومستقوية على الضعفاء الذين لا يملكون وسيلة للدفاع عن أنفسهم. هذا الانحراف لا يقتصر على غياب الكفاءة، بل يتجلى في آليات شللية تُعيد إنتاج الوجوه ذاتها، وجوه فقدت مصداقيتها الأخلاقية والمهنية، ومع ذلك تُعاد تصديرها إلى الواجهة بحكم انتمائها إلى طبقات اجتماعية نافذة أو مصالح اقتصادية متشابكة.
إنّ خطورة هذا الواقع تكمن في أنّ هذه المجالس لا تمارس فقط عجزًا إداريًا، بل تساهم في إفراغ المعنى الإنساني من جوهره، إذ تتحول إلى ساحة لتبادل المصالح على حساب الفقراء والمهمشين. وهكذا، يصبح الإنسان ذاته – بكرامته وحقوقه – مجرد "جثة معنوية" مرمية على هامش اللعبة السياسية والاجتماعية .
ما معنى مجلس محلي غير منتخب لا يشارك فيه الفقير والمتضرر من النكبات كعضو مشارك وصوت انساني لا يعلى عليه صوت ؟
جدلية العقد الاجتماعي: بين الأمن والحرية
العقد الاجتماعي، في ظل الأوضاع الراهنة يقوم على معادلة دقيقة : أن يتنازل الأفراد عن بعض حرياتهم مقابل ضمان الأمن والعدالة. غير أنّ الإرهاب المؤسسي يكشف هشاشة هذه المعادلة، إذ يضع المجتمع أمام خيارين متناقضين: التضحية بالحرية باسم الأمن، أو مواجهة العنف بانكشاف كامل. وفي كلا الحالين، يكمن الشر المطلق بسبب تعرض النظام الاجتماعي إلى تآكل داخلي، حيث تتحول مؤسساته إلى هياكل عاجزة عن رسالتها الأصلية.
والخطورة او الشر المطلق هنا هو أن الانسان تحول من كائن حر قادر على صياغة مصيره الى حبيس للصدفة و الرهاب المجتمعي
إنّ تتبّع مسار الإرهاب المؤسسي عبر النظم المجتمعية يكشف حصار الإنسان بين مؤسسات عاجزة وخطابات متناقضة ، فيجد نفسه أمام فراغ وجودي يهدد كرامته ومعنى حياته.

هذا المأزق لا يعني الاستسلام، بل يفتح أفقًا لإعادة التفكير في فلسفة الوجود ذاتها بوصفها فلسفة تجعل من الحرية مسؤولية، ومن العدالة أساسًا للنظام، ومن الكرامة غاية لا وسيلة. فمواجهة الإرهاب المؤسسي هي نضال سلمي من أجل استعادة الإنسان كقيمة عليا، وإعادة بناء النظم المجتمعية على أسس تحفظ المعنى قبل أن تحفظ البقاء.
©أنور ناصر الدين — جميع الحقوق محفوظة. هذا النص محمي بموجب قوانين الملكية الفكرية للمؤلف.
