تعرية النرجسي: ويندي بيهاري (التعايش و الديمومة مع المستغرق بذاته)

نزيهة زعبار

كاتبة و مترجمة و مدققة لغوية

متابعة

تعرية النرجسي: ويندي بيهاري (التعايش و الديمومة مع المستغرق بذاته)

تقديم:

أنانيّ، و مغرور، و متعال، و قاسٍ، و يتسبّب بالإهانات للمحيطين به، و للمقرّبين إليه...

بالمقابل، يشعر المحيطون به، و المقرّبون إليه بالمهانة، و بالذّل، و بالعجز، و الإحباط...

و رغم كل ذلك، عاجزون عن المواجهة، أو على المغادرة، أو على أخذ قرار شجاع بالرّحيل...

رغم كلّ أذاه و أذيّته، يظلّون يرجون عطفه و عاطفته عليهم!

هذه هي تركيبة بيئة النّرجسيّ الضّيقة:

في تقديمه لكتاب "تعرية النرجسي: التعايش و الديمومة مع المستغرق بذاته" لـ(ويندي بيهاري) ينوّه الدكتور جيفري يونغ مدير مركز العلاج الإدراكي و معهد العلاج التخطيطي في نيويورك بأن الكاتبة قد تناولت المسألة بشكل معقّد، و عميق، و متعاطف متجاوزة الكليشيهات و النّصائح البسيطة المعتمدة في الكتب الأخرى و لدى المعالجين الآخرين حيث أنّها لجأت إلى مجالين من العلم و العلاج:

- المجال الأول: العلاج التخطيطي

-المجال الثاني: علم البيولوجيا العصبية الشخصية

تنويه:

استهلال:

تقدّم لنا "ويندي بيهاري" في هذا الكتاب الأدوات العملية لمواجهة التحدّيات العاطفية التي قد تصادف الأفراد في تعاملاتهم مع الأشخاص النرجسيين. إنّه تحفة... بهذا الوصف يواصل البروفيسور دانيال جاي سيغل -و هو أمريكي- حديثه عن كتاب زميلته... مستهلّا حديثه بهذه النصيحة: "إن كنت على علاقة بشخص تظهر عليه صفات شخص نرجسي، فلا تتردد في قراءة هذا الكتاب".

"إن كنت على علاقة بشخص تظهر عليه صفات شخص نرجسي، فلا تتردد في قراءة هذا الكتاب".

من هي ويندي بيهاري؟

"غالبا ما ننساق وراء سهولة آرائنا الشخصية على حساب صعوبة الأفكار الجديدة".

اختارت "ويندي بيهاري" أن تستهلّ مقدمة كتابها بقول مأثور للرئيس جون كينيدي، و هو الرئيس 35 للولايات المتحدة الأمريكية: "غالبا ما ننساق وراء سهولة آرائنا الشخصية على حساب صعوبة الأفكار الجديدة".

لا ندري من تقصد المؤلّفة باقتباسها لهذا القول؛ 
هل زهرة النّرجس، أم من يشمّ زهرة النّرجس..؟
...زهرة النّرجس... الزّهرة التي جار عليهااسمها

ثم تواصل مخاطبتها للقارئ هذه المرّة بقولها: "نظرا لأنّك تقرأ هذا الكتاب، فمن المحتمل أنّك على علاقة بنرجسيّ، و بأنّ تركيز هذا الشّخص المفرط على نفسه و إحساسه بالأحقّية قد آذاك و أضرّ بالعلاقة مرارا و تكرارا".

"نظرا لأنّك تقرأ هذا الكتاب، فمن المحتمل أنّك على علاقة بنرجسيّ، و بأنّ تركيز هذا الشّخص المفرط على نفسه و إحساسه بالأحقّية قد آذاك و أضرّ بالعلاقة مرارا و تكرارا."

يا لدقّتها!

بالتّأكيد هذا الكتاب سيُمكنه المساعدة؛ إنّه مليء بالمعلومات المفيدة، و التّمارين التّوضيحية، و الاستراتيجيات الفعّالة.

يا لتعاطفها!

التعاطف حكمة... هذا ما تٌنبّهك إليه الكاتبة إذا كنت تنوي مباشرة قراءة الكتاب! أبدًا.. لا تنظر إلى النّرجسيّ أنّه "مستبدّ"! ... أنظر إليه بعين العطف، و الشّفقة، و الرّحمة... !

"قد يخوض النّرجسيّ رحلة الحياة متسلّحا بشوته المرتفع و أنانيّته المفرطة الواضحة، إلّا أنّه يظلّ توّاقا دون سابق معرفة منه -شأننا جميعا- إلى ملاذ آمن و هادئ يجده في حضن دافئ".

الفصل الأوّل:

تشخيص الحالة "نحو فهم النّرجسيّة"

"تعيش البشريّة حياة ملؤها اليأس"

ناذرا ما نجد شخصا نرجسيّا لجأ إلى العلاج النّفسي بمفرده جرّاء معاناته من الوحدة، أو القلق، أو الاكتئاب خاصّة إذا كان يلبّي أكثر من عشر صفات من التي سيأتي ذكرها فيما يلي:

*يلبّي 10 صفات: نرجسيّة صريحة سيّئة (بالنّسبة للتّكيّف الاجتماعي).


*أقلّ من 10 صفات: نرجسيّة كامنة سيّئة(بالنّسبة للتّكيّف الاجتماعي).


*أقلّ بقليل: نرجسيّة سليمة (بالنّسبة للتّكيّف الاجتماعي).
 

نرسيس/نرجس:

تنحدر النرجسية في الميثولوجيا الإغريقية من قصة نرسيس أو نرجس (حسب الترجمة) الذي حكمت عليه الآلهة بالوقوع في حب صورته المنعكسة على سطح بحيرة جبلية. إن مأساة نرسيس في هذه الأسطورة تجعلك تخرج بدرس مفاده أن الجمال الحقيقي يبدأ حين ينتهي حب الذات المفرط و اللّامعقول.

غالبا ما ينغمس النرجسيّون في حبّ ذواتهم و ينشغلون بالحاجة إلى بلوغ الصّورة المثالية (صورة الهيبة و الوقار إلى درجة إثارة غيرة و حسد الآخرين)؛ و لهذايضيق صدرهم من الإصغاء للآخرين، و إظهار الاهتمام بهم، و تفهّم احتياجاتهم، و أحيانا يعجزون عن ذلك تماما. و يمكن لهذا الاستغراق في الذّات أن يحرمهم من أيّة صلات حقيقيّة أو وديّة مع الآخرين، كتلك الصّلات التي تمنح غيرهم إحساسا بالتّفهّم، في حين تفتح لهم المجال لمعرفة الفارق بين حب النّفس و حب الآخر، و تعلّمهم كيفيّة الموازنة بين الاهتمام بالنّفس و الاهتمام بالآخرين، بوصفها جزءا مهمّا من النّمو في مرحلة الطّفولة، بالإضافة إلى كونها درسا حياتيّا أساسيّا يعزّز تطوّر الشّعور بالمسؤوليّة و التّعاطف مع الآخرين و معاملتهم بالمثل، إلّا أن هذه الأمور تغيب لسوء الحظ عن نمو النرجسي في مرحلة الطفولة.

شأنه شأن غيره، يظل النرجسي في حاجة إلى الروابط العاطفية الودية، و حتى يحصل على الاهتمام فإن النرجسي يقوم بالسلوكيات الباردة و بالتصرفات المستفزة.

أصول النّرجسيّة:

اللازمة المكررة:

الرجل النرجسية:

تمثل عبارة "لن أحتاج لأحد" اللازمة المكررة و المطمئنة للرجل النرجسي.

المرأة النرجسية:

تمثل عبارة "أنت مدين/ة لي" اللازمة المكررة و المطمئنة للرجل النرجسي.

الأقنعة:

يختفي النرجسي خلف أقنعته من أجل تحويل حالته المؤلمة إلى تجارب مريحة، و من أقنعة النرجسي الأكثر شيوعا:

المتنمر:

شخص يعاني من سوء ظن تجاه الناس و دوافعهم، و يخاف من أن الآخرين سيحاولون السيطرة عليه، أو استغلاله، أو إظهاره بمظهر الأحمق؛ بسبب تاريخه من الفراغات العاطفية و إحساسه بالعار و القصور. عن طريق التنمر أو توجيه الانتقادات للآخرين، و محاولة السيطرة عليهم يحاول النرجسي حماية نفسه، و يحاول أيضا ضمان شعور الآخرين بالضعف و العجوز، بل و حتى الغباء من أجل تحقيق الأهمية و السلطة اللذان يصبو إليهما.

المتباهي:

شخص متعطش للافتتان و الشعور بحسد الآخرين، و يعاني من إحساس بالعجز و الكراهية من دون علم منه.

المدمن على مواساة النفس:

الفوقي:

شخص يشعر بأنه يستطيع وضع قواعده الخاصة و قتما يشاء و امتلاك ما يرغب به؛ و لهذا يتصرف بأنه أعلى مكانة من الجميع، و بأنه يستحق معاملة خاصة.