
من الصّعب أن تعثر على السعادة داخلك، ولكنّ من المستحيل أن تجدها في أيّ مكان آخر.
_ متاهة الخارج: السّعي الوهميّ
يسكب الإنسان طاقته في مطاردة السّعادة خارج نفسه، يظنّ أنها في جديد الملبس، أو فخامة المسكن، أو إعجاب النّاس، يركض وراء الظّلال في صحارى الحياة، كالعطشان يتبع سراباً، كلّما اقترب من أفق، برز له أفق آخر، هذا المسار المستحيل يتعب الرّوح ويجفّف مواعد الأمل، لأن السّعادة الحقيقيّة ليست سلعة نشتريها، ولا إنجازاً نحقّقه لنفتخر به.
-رحلة الدّاخل: التّحديّ الجريء
أمّا البحث عن السّعادة في الدّاخل، فهو أصعب رحلة على الإطلاق، لأنّها تتطلّب مواجهة الذّات بصدق، وغرس الأمل في تراب التّجارب المرّة، وسقي الزّهر بماء القناعة، هو صبر على الحفر في أعماق القلب لإضاءة جذوة السرور الكامنة، نعم، إنه صعب أن تبحث عن الشّمس في وسط العاصفة، ولكنّها لا تزال هناك، تنتظر أن تنقشع الغيوم.
-السّر الأبديّ: لا مستحيل بعد العثور
وها هنا يكمن المفصل: لو كان البحث عن السعادة في الدّاخل صعباً، فالبحث عنها في الخارج مستحيل، لأنّ مصدرها الأصيل هو رضاك، هو طمأنينة قلبك، هو معنى تضعه لحياتك، كلّ مصادر السّعادة الخارجيّة مؤقّتة زائفة، تبقى ساعة أو يوماً ثمّ تذوي، أمّا إذا أضفت سراج السّرور في داخلك، فلن يطفئه ريح، ولن يسرقه لص.
-فلتكن واحتك داخلك:
لذلك ليست الحكمة في أن تجد السّعادة بسهولة، بل في أن تعرف أنّ مكانها الحقيقيّ هو قلبك، لا تتوقف عن البحث داخل نفسك، فقد تكون الرّحلة شاقّة، ولكنّ الكنز الذي ستنتهي إليه أبديّ لا يضيع.
اسأل نفسك: هل أنت مسافر في صحارى الخارج، أم فلّاح في جنّة الدّاخل؟
لأن من يبحث عن الواحة في نفسه، لا بدّ أن يروي ظمأه.
