الأساطير الشعبية في صعيد مصر ..تفسير بديل للعالم

كاتب حر
في مصر عمومًا، وفي الصعيد بشكل خاص، من الطبيعي أن تجد كثيرًا من الأساطير الشعبية والحكايات الموروثة عن الجدود.
هذه الأساطير مسيطرة ومتعمقة في وجدان الفلاح، ليس لأنها فقط تمثل جزءًا هامًا من ثقافته واعتقاده، ولكن لأنها أيضًا كانت تفسيره للعالم المحيط به كبديل عن العلم والمعرفة.
فهي خرافات من وجهة نظر العلم الحديث، لكنها بالنسبة للفلاح تسليته وفنه وجزء من رؤيته وفهمه للعالم من حوله.
إنها العلم البديل بالنسبة له، وهي أيضًا جزء من تاريخه وحضارته.
والخرافات أو الأساطير الشعبية منها ما هو مرتبط بالأديان، مثل قصص الجن والعفاريت وأهل الكرامات،
ومنها ما هو مرتبط بالتاريخ، مثل قصص أوزوريس وإيزيس، والزير سالم، والسيرة الهلالية، وسيف بن ذي يزن،
ومنها ما هو مرتبط بالحكايات الاجتماعية الخيالية مثل النداهة، والغول، والعفاريت.
أما النداهة في الموروث الشعبي، فهي امرأة جميلة تقف على شاطئ النيل أو الترعة، وتنادي على الفلاحين ليلًا بصوت ناعم ومغوٍ.
تعيس الحظ هو من يجيب نداءها، فمصيره الموت أو الاختفاء في ظروف غامضة.
ويقال في العامية: “ندهته النداهة”، أي اختفى عن الأنظار دون سبب واضح.
وقصة النداهة شبيهة بأساطير أخرى منتشرة حول العالم، مثل “السيرين” في الأسطورة الإغريقية، وهي فاتنة برأس امرأة وجسد سمكة، تجلس على صخرة قرب الشاطئ، وتغني بصوت عذب يغوي البحارة، فإذا استجابوا لندائها تحطمت سفنهم وتاهوا في البحر.
وهذه القصة شبيهة أيضًا بقصة “لوريلي”، الفتاة الألمانية التي خانها حبيبها، فحزنت عليه بشدة وألقت نفسها في البحر.
ويقال إن روحها تظهر على هيئة حورية تقف على صخرة في ضفاف نهر الراين، تغني أغانٍ تجذب الصيادين، فيُلقون بأنفسهم في البحر، فترتاح روحها وتأنس، لأنها لم تعد وحيدة.
وهناك حكايات أخرى مشابهة في آسيا وأمريكا اللاتينية وفي الأدب الشعبي الإفريقي.
والغريب في الأمر أن النداهة في جميع الأحوال امرأة، وغالبًا ما تتصف بالجمال...
إلا في حالة النداهة في الصعيد، فنحن لا نعرف شكلها، ولكننا نعرف أن صوتها عذب.
هذه المدونة ستكون دردشة على الماشي عن بعض الخرافات الشعبية في مصر، وربطها بشبيهاتها في التاريخ وحول العالم.
وهي محاولة شخصية مني لتسجيل هذا العالم والحفاظ عليه في ذاكرتي.
فهو عالم سحري وجميل وعجيب، وأخشى أن تندثر يومًا هذه الحكايات وتختفي في بطون الكتب،
تحت تأثير التكنولوجيا والتقدم العلمي والتيك توك وزمن المعلومة الفاست فود ، هذه المدونة ستكون محاولة شخصية لإسعاف الذاكرة( ذاكرتي ) ، وتدفئتها و إعادتها للجذور
أتمني ….
المراجع

Le Rocher de la Lorelei | Voyages du patrimoine mondial en Europe
La vallée du Haut-Rhin Moyen renferme de nombreuses légendes et histoires, mais la plus célèbre de toutes est sans doute celle de Lorelei, la belle et mélancolique sirène dont les chants ont charmé bon nombre de bateliers passant en contrebas.
تصفح المرجععن الكاتب
Mohamed Kotb
كاتب حر